قال ، فانكسر قلم يحيى ، فناوله المأمون قلما من ذهب ، فامتنع من أخذه ، فكتب المأمون على ظهر جزء : ناولت يحيى بن يحيى قلما فلم يقبله.
فلمّا ولي الخلافة كتب إلى عامله أن يولّي يحيى قضاء نيسابور ، فقال يحيى للأمير : قل لأمير المؤمنين : ناولتني قلما وأنا شابّ فلم أقبله ، أفتجبرني على القضاء وأنا شيخ؟.
فرفع ذلك إلى المأمون ، فقال : يولّي رجلا يختاره ، فأشار برجل ، فلم يلبث أن دخل على يحيى وعليه السّواد ، فضمّ يحيى فراشه كراهية أن يجمعه وإيّاه ، فقال له : ألم تخترني؟.
فقال : إنّما قلت اختاروه ، وما قلت لك أن تتقلّد القضاء.
ويروى أنّ يحيى بن يحيى شرب دواء ، فقالت زوجته : قم فتمشّى في الدّار. قال : أنا أحبّ أن أحاسب نفسي أربعين سنة على خطاي ، فما أعلم ما هذه المشية.
وقال محمود بن غيلان : سمعت يحيى بن يحيى يقول : من قال القرآن مخلوق فهو كافر بالله ، وبانت منه امرأته.
وقال مسلم : سمعت يحيى بن يحيى يقول : من زعم أنّ من القرآن من أوله إلى آخره آية منه مخلوقة ، فهو كافر.
وقال غير واحد : كان يحيى بن يحيى متثبّتا ثقة. كان إذا شكّ في حديث ضرب عليه.
وقال أحمد بن حنبل : اشتهي من يحيى بن يحيى ، سليمان بن بلال ، وزهير بن معاوية.
وروي أنّ يحيى بن يحيى أراد الحجّ بآخرة ، فأشفق عليه عبد الله بن طاهر من [ذلك] وقال (أنت من الإسلام بالعروة الوثقى ، فلا آمن أن تمتحن ، فتصير إلى مكروه ، فهذا الإذن ، وهذه النصيحة ، فقعد) (١).
__________________
(١) بياض في الأصل ، والمؤلّف ـ رحمهالله ـ ينقل عن (تاريخ نيسابور للحاكم) ، وهو لم يصلنا. وقد استدركت النص بين القوسين من (سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥١٧).