نرى المحدّث الجزائري يقول : نحن نروي جميع أحاديث الكتب الأربعة عن المحمّدين الثلاثة ، بواسطة رجل مجهول الحال ، مجهول الحسب والنسب ، مع بعد الطريق بقرون!
يا لها من سذاجة مفجعة!
يحكي من أوثق مشايخه «السيّد البحراني» أنّه نقل عن شيخه «الحرفوشي» إنّه لاقى رجلا في مسجد مهجور من مساجد دمشق ، ادّعى أنّه «المعمّر أبو الدنيا» كان يقول : إنّه صحب عليا والأئمّة عليهمالسلام وسمع حديثهم واحدا واحدا ، وسمع مشايخ الحديث وأرباب الكتب وسمع حديثهم! فاستجازه الحرفوشي في الإسناد إليه فأجازه! فكان شيخه يقول : إنّا نروي عن أصحاب الكتب منذ ذلك الوقت بهذا الإسناد القصير! وهكذا ابتهج السيّد الجزائري بهذه المفاجئة السانحة فجعل يقول : وها نحن أيضا نروي الكتب الأربعة للمحمّدين الثلاثة بنفس هذا الإسناد! (١)
وكتابه الذي أسماه «الأنوار النعمانية» ـ من خير تآليفه ، وعدّه القوم من جلائل كتبهم ـ مليء بأخبار وقصص خرافية غريبة ، ممّا لا نظير لها في كتب أصحابنا الإماميّة. (٢)
وهذا الكتاب هو المنبع الأصل للقول بالتحريف (٣) والذي اعتمده النوري صاحب «فصل الخطاب» ، وكان قدوته في هذا الاختيار. (٤)
قال ـ بصدد تزييف القراءات المعروفة ـ : تسليم تواتر القراءات السبع يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالّة على وقوع التحريف في القرآن ، كلاما ومادّة
__________________
(١) ـ الأنوار النعمانية ، ج ٢ ، ص ٧ ؛ وقد جاءت روايته بهذا الإسناد التافه في ج ٢ ، ص ٣٨٢ بالتصريح ، في قصّة خيالية محضة ، فراجع.
(٢) ـ ذكرنا منها مقتطفات في الطبعة الاولى ، ولم تعد حاجة بعدئذ إلى إعادة تلكم الأساطير.
(٣) ـ راجع : الأنوار النعمانية ، ج ٢ ، ص ٣٥٧ وج ١ ، أيضا ، ص ٩٧ و ٩٨ و ٢٧٧.
(٤) ـ راجع : فصل الخطاب ، ص ٢٥٠.