المؤلّف ، ولا ما يضمن شبهة صحّتها ، وحتّى لقد شكّ المحقّقون في إمكان نسبة الأناجيل إلى مؤلّفيها المعروفين ، ولعلّه من تشابه الاسم. (١)
وقد أورد المحقّق العلّامة «فخر الإسلام» تشكيكات فنّيّة وتاريخية في صحّة أسناد الأناجيل ، نقلها عن كافّة قدماء المسيحية في عدد غير محصور ، وتكلّم في واحد واحد من أسناد الأناجيل الأربعة بتفصيل وتحقيق. (٢)
يقول «پاستيس» : هذا العهد الجديد ليس من تصنيف المسيح ولا من تصنيف حوارييه ، بل هو من عمل إنسان مجهول الهويّة ، صنّفها ونسبها إلى حواريي عيسى عليهالسلام وأصحابهم.
ويعقّبه «فخر الإسلام» : إن هذا إلّا كلام حقّ وصدق ، وقد أصاب الحقيقة ، فنعم ما قال ـ وهو من محقّقي فرقة «مانيكيز» من علماء القرن الرابع ـ إذ لعلّ ذلك الإنسان المجهول كان من أعداء المسيح وامّه الصدّيقة ، حيث فيه من المخازي ما أخزاه الله وأبعده. (٣)
تلك كانت قصّة حياة العهدين طول التاريخ. فكان من المسلّم عدم وجود الأصل ، وإنّما الباقي هو الفرع (التراجم وبعض المتقطّعات من تعاليم دينية سجّلت خلال سرد أحداث التاريخ) فلم يعد موضوع للتحريف الذي لهج به أصحاب القياس في لزوم تشابه أحداث الزمن!
مسألة تشابه الأحداث في الغابر والحاضر
وأمّا مسألة تشابه ما بين حوادث الماضي والحاضر ، فهي تعني تشابها في اصول الحياة العامّة ، لا في أساليبها المتخذة ، المختلفة حسب اختلاف الجوامع البشرية في طول الزمان وعرضه ، إنّها رهن شرائط وظروف تتفاوت حسب تفاوت الأوضاع والأحوال في
__________________
(١) ـ راجع : قصص الأنبياء ، ص ٣٩٩.
(٢) ـ راجع : أنيس الأعلام ، ج ٢ ، ص ٦١ ـ ٦٧.
(٣) ـ المصدر ، ص ٧٢.