وقال المرتضى علم الهدى بشأن نصب «والصابرين» : وجه النصب أنّه على المدح ، لأنّ مذهبهم في الصفات والنعوت إذا طالت أن يعترضوا بينها بالمدح أو الذمّ ليميزوا الممدوح أو المذموم ويفردوه. فيكون غير متبع لأوّل الكلام. من ذلك قول الخرنق بنت بدر بن هفّان :
لا يبعدن قومي ... (إلى آخر البيتين ، لكن بنصب النازلين والطيّبين). قال : فنصبت «النازلين والطيّبين» على المدح. وربّما رفعوهما جميعا على أن يتبع آخر الكلام أوّله. ومنهم من ينصب «النازلين» ويرفع «الطيبين». وآخرون يرفعون «النازلين» وينصبون «الطيبين». والوجه في النصب والرفع ما ذكرناه.
قال : ومن ذلك قول الشاعر ـ أنشده الفرّاء ـ :
إلى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
وذا الرأي حين تغمّ الامور |
|
بذات الصليل وذات اللجم |
فنصب «ليث الكتيبة» و«ذا الرأي» على المدح.
قال : وممّا نصب على الذمّ قول عروة بن الورد :
سقوني الخمر ثمّ تكنّفوني |
|
عداة الله من كذب وزور (١) |
(٤ ـ في سورة المنافقين : ١٠)
قوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ).
قرأ السبعة غير أبي عمرو بجزم «أكن» عطفا على موضع الفاء ، لأنّ موضعها جزم على جواب التمنّي. لأنّ المعنى : إن أخّرتني أصّدّق وأكن.
قرأ أبو عمرو بالنصب عطفا على لفظ «فأصّدّق» المنصوب بإضمار أن.
هكذا قال مكّي بن أبي طالب والزمخشري وغيرهما من أعلام الأدب والتفسير.
__________________
(١) ـ انظر : الأمالي للمرتضى ، ج ١ ، ص ٢٠٥ ـ ٢٠٦.