١١ ـ آيتان من سورة البيّنة!
نسب إلى ابيّ بن كعب أنّه كانت آيتان من سورة البيّنة فاسقطتا من المصحف ، فقد روى الإمام أحمد بإسناده المتّصل إلى زرّ بن حبيش عن ابيّ بن كعب ، أنّه قال :
قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك. فقرأ عليّ : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ. رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ. وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ). إنّ الدين عند الله الحنيفيّة غير المشركة ولا اليهوديّة ولا النصرانيّة. ومن يفعل خيرا فلن يكفره ...» (١) قال شعبة ـ راوي الحديث ـ ثمّ قرأ آيات بعدها. ثمّ قرأ : «لو أنّ لابن آدم واديين من مال لسأل واديا ثالثا. ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب». قال : ثمّ ختمها بما بقي منها. (٢)
وبإسناد آخر : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك القرآن. قال : فقرأ : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ). قال : فقرأ فيها : «ولو أنّ ابن آدم سأل واديا من مال فاعطيه لسأل ثانيا فاعطيه لسأل ثالثا. ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب. ويتوب الله على من تاب. وإنّ ذلك الدين القيّم عند الله الحنيفيّة غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية. ومن يفعل خيرا فلن يكفره». (٣)
هذا ، والحديث مكذوب عليه قطعيّا ، إذ لو كان كما زعم لوجد في مصحفه ، وقد كان هو المملي للقرآن على عهد عثمان في لجنة توحيد المصاحف ـ على ما أسلفنا في الجزء الأوّل من التمهيد ـ وقد نسب ذلك بعدّة طرق إلى أبي موسى الأشعري حينما خرف في اخريات حياته القذرة ، وسنذكرها. ولعلّها نسبت إلى ابيّ أيضا تخفيفا لوطأة الاكذوبة الثقيلة!
__________________
(١) ـ البيّنة ٩٨ : ١ ـ ٤.
(٢) ـ مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ١٣٢. ما بين القوسين هي الزيادة المزعومة.
(٣) ـ المصدر ، ص ١٣١ ـ ١٣٢.