لمثل النوري الغريق الذي يتشبّث بكلّ حشيش. وقد شحن حقيبته الجوفاء (رسالة فصل الخطاب) بهكذا حشائش هزيلة سرعان ما تجتثّ من فوق الأرض ما لها من قرار.
وهكذا سائر الكتب التي استند إليها القوم في مسألة التحريف ، لم يكن شأنها بأفضل من شأن هذه الرسالة المجهولة!؟
٢ ـ كتاب السقيفة لسليم بن قيس الهلالي (ت ٩٠)
كان سليم من خواصّ أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام وقد صنّف كتابا أودع فيه بعض أسرار الإمامة والولاية ، وكان من أنفس الكتب التي حظيت به الشيعة ذلك العهد.
لكن هل النسخة الدارجة هي النسخة الأصل؟
لقد تشكّك فيها جلّ أهل التحقيق. قال الشيخ المفيد : هذا الكتاب غير موثوق به ولا يجوز العمل على أكثره ، وقد حصل فيه تخليط وتدليس. فينبغي للمتديّن أن يتجنّب العمل بكلّ ما فيه ولا يعوّل على جملته والتقليد لروايته. (١)
وذلك أنّه لمّا طلبه الحجّاج ليهدر دمه هرب وآوى إلى أبان بن أبي عياش (فيروز) فلمّا حضرته الوفاة سلّم الكتاب إلى أبان مكافأة لجزيل فضله. قال العلّامة في الخلاصة : فلم يرو عن سليم كتابه هذا سوى أبان وعن طريقه.
وأبان هذا كان تابعيا صحب الباقر والصادق عليهماالسلام ، وقد ضعّفه الشيخ في رجاله. وقال ابن الغضائري : ضعيف لا يلتفت إليه.
وقد اتّهم الأصحاب أبانا بأنّه دسّ في كتاب سليم ، ومن ثمّ هذا التخليط. حتى أنّهم نسبوا الكتاب إليه رأسا. قال ابن الغضائري : وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس الهلالي إليه.
وللشيخ إلى كتاب سليم طريقان ، أحدهما : عن طريق حمّاد بن عيسى وعثمان بن عيسى عن أبان عن سليم. والآخر : عن حماد عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان عن
__________________
(١) ـ راجع : آخر كتابه «تصحيح الاعتقاد» ، ص ١٤٩ ـ ١٥٠.