الألباب من قدماء أصحابنا كالمحمّدين الثلاثة المتقدّمين رحمهمالله. هذا حال كتب رواياته غالبا كالمستدرك ، ولا تسأل عن سائر كتبه المشحونة بالقصص والحكايات الغريبة التي غالبها بالهزل أشبه منه بالجدّ. وهو رحمهالله شخص صالح متتبّع ، إلّا أنّ اشتياقه لجمع الضعاف والغرائب والعجائب وما لا يقبلها العقل السليم والرأي المستقيم ، أكثر من الكلام النافع. والعجب من معاصريه من أهل اليقظة ، كيف ذهلوا وغفلوا ، حتّى وقع ما وقع ، ممّا بكت عليه السماوات ، وكادت تتدكدك على الأرض!
وبالجملة : ففساد هذا القول الفظيع والرأي الشنيع أوضح من أن يخفى على ذي مسكة ، إلّا أنّ هذا الفساد قد شاع على رغم علماء الإسلام وحفّاظ شريعة سيّد الأنام!! (١)
٢٢ ـ وختاما ، فإنّ لسيّدنا الاستاذ الخوئي رحمهالله بحثا تفصيليا مستوف بإثبات صيانة القرآن من احتمال كلّ زيادة أو نقصان. وكان ما كتبناه بهذا الصدد اقتفاء لأثره واقتداء لمنهجه في هذا السبيل ، ومن ثمّ فقد أخذنا عنوان البحث من بيانه ، لا زالت كرائم أفكاره الرشيدة فائضة بالخير والبركات. (٢)
* * *
وبعد فتلك كانت الأهمّ من كلمات أصحابنا الإمامية ، وفيه من نظرات أعلام علمائنا الكبار ممّن تشرّفت المعاهد العلمية بفيض وجودهم ، وملأ الآفاق صيت فضلهم ونبوغهم في الأدب والكمال فكانوا قدوة للامّة واسوة في الخافقين ، ومثلا في العلوم والمعارف الإسلامية على توالي الدهور وعبر العصور. ومن ثمّ اقتصرنا عليهم ولم نستقص الجميع ، إذ فيهم الكفاية وآراؤهم هي الحجّة الماثلة فيها آراء الامّة على الإطلاق.
نعم هؤلاء هم الذين يمثّلون الامّة وتتجلّى في نظراتهم طريقة المذهب الحقّ ، لا اولئك الشرذمة القليلة الذين لفظتهم الامّة سحالة منبوذة لا شخصيّة لهم ولا حجّية في
__________________
(١) ـ راجع : أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية ، بقلمه الشريف ، ج ١ ، ص ٢٤٣ ـ ٢٤٧.
(٢) ـ راجع : البيان في تفسير القرآن ، ص ٢١٥ ـ ٢٥٤.