نظرة في الروايات
بقيت مائتا حديث تقريبا منقولة عن كتب معتبرة ، ذكرها المحدّث النوري في «فصل الخطاب» دليلا على وقوع التحريف في الكتاب.
لكن هذه الروايات وردت في شؤون شتّى وفي مسائل مختلفة ، زعموهنّ مشتركات في جامع الدلالة على التحريف.
وهي على سبعة أنواع :
النوع الأوّل : روايات تفسيرية ، إمّا توضيحا للآية أو بيان شأن النزول أو تأويل الآية أو تعيين مصداق من مصاديقها الأجلى المنطبق عليها الآية بعمومها. وقد كان من عادة السلف أن يجعلوا من الشرح مزجا مع الأصل ، تبيينا وتوضيحا لمواضع الإبهام من الآية ، من غير أن يلتبس الأمر ، اللهمّ إلّا على اولئك الذين غشيهم غطاء التعامي!!
وهذا النوع يشمل القسط الأوفر من هذه الأحاديث ، وإليك منها :
١ ـ روى ثقة الإسلام الكليني بإسناد رفعه إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قرأ : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) (١) وعقّبها بقوله : «بظلمه وسوء سيرته». (٢) بيانا لكيفية الإهلاك ، وأنّه ليس بإشعال النار أو وضع السيوف في رقاب الناس بل بارتكاب الظلم وسوء نيّته في التدبير.
٢ ـ وبإسناده أيضا عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) ، (٣) إنّه عليهالسلام تلا هذه الآية إلى قوله (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) وأضاف : فقد سبقت عليهم كلمة الشقاء وسبق لهم العذاب. وتلا بقيّة الآية. (٤)
قال النوري : ظاهر سياق الخبر أنّ الزيادة كانت من القرآن وليست تفسيرا!
قال ذلك ردّا على العلّامة المجلسي الذي احتمل ـ على فرض صحّة الخبر ـ أن
__________________
(١) ـ البقرة ٢ : ٢٠٥.
(٢) ـ الكافي ، ج ٨ ، ص ٢٨٩ ، برقم ٤٣٥.
(٣) ـ النساء ٤ : ٦٣.
(٤) ـ الكافي ، ج ٨ ، ص ١٨٤ ، برقم ٢١١.