يكون عليهالسلام أراد التفسير ، أي إنّما أمر تعالى بالإعراض عنهم ، لسبق كلمة الشقاء وسبق تقدير العذاب (١) لكن السياق مع المجلسي ، الخبير بمواضع كلام الأئمّة ، على خلاف ما زعمه أمثال النوري!
٣ ـ وعن الإمام الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، (٢) قال : ممّا قضيت من أمر الولاية ويسلّموا لله الطاعة تسليما. (٣) وظاهر أنّ ذلك تفسير وتبيين لمواضع التقدير في الكلام على ما أراده المتكلّم ، ولم نعرف وجها معقولا لمستمسك أهل التحريف في هذا الحديث الشريف؟!
٤ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً). (٤) نزلت بشأن أهل الكتاب كانوا يعارضون رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا يستسلمون لقيادته. فطبّقها الإمام الصادق عليهالسلام على كلّ مخالف لحكم الإسلام ويقاوم أمر الإمام وليّ أمر المسلمين :
قال : ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم ـ وسلّموا للإمام تسليما ـ أو اخرجوا من دياركم ـ رضا له ـ ما فعلوه إلّا قليل منهم. ولو أنّ أهل الخلاف (بدل «ولو أنّهم» ـ توضيحا لموضع الضمير ـ) فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشدّ تثبيتا. (٥)
وفي هذا الحديث نكتة دقيقة : كان قتل النفس كناية عن كبح جموحها واستسلامها لقيادة وليّ الأمر. وكذا كان الخروج من الديار كناية عن الخروج عن ملاذّ النفس المحيطة بها كحصار حصين ، كناية عن امتثال أوامره والانقياد لحكومته ، فيكون في ذلك رضاه عن الناس وبغية أمله في تحكيم إرادة الله سبحانه.
٥ ـ وأيضا روى الكليني عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) قال : إن تلووا الأمر وتعرضوا عمّا امرتم به (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ
__________________
(١) ـ فصل الخطاب ، ص ٢٧٥.
(٢) ـ النساء ٤ : ٦٥.
(٣) ـ الكافي ، ج ٨ ، ص ١٨٤ ، رقم ٢١٠.
(٤) ـ النساء ٤ : ٦٦.
(٥) ـ الكافي ، ج ٨ ، ص ١٨٤ ، رقم ٢١٠.