على جبل ينبو في التيه سنة (١٤٥١) فيكون قد عمّر مائة وعشرين سنة. ثمّ ينقل عن دائرة معارف «لاروس» : أنّ قدماء المسيحيين وغيرهم يمجّدون مؤسّس الديانة الموسوية ، وأنّه قد أسّس مدنيّة ودينا. لكنّا لا نملك الكتاب الحقيقي لشريعته. ولقد نسبت إليه التوراة أو الأسفار الخمسة الاولى من الكتاب المقدّس ، ولكن هذه التوراة حاملة لآثار لا نزاع فيها من الحواشي والتنقيحات ومن دلائل اخرى تدلّ على أنّها ألّفت بعد وفاة موسى بعهد طويل. فقد ذكرت فيها أسماء مدن لم توجد إلّا بعد موسى. ويجد القارئ فيها أنّ موسى قد ذكر وفاة نفسه فيه! ويلاحظ تالي التوراة أنّ مؤلّفه الذي لم يذكر اسمه ينوّه عن موسى كما ينوّه عن رجل مات منذ قرون كثيرة. وزيادة على ما تقدّم فإنّ الأسفار الخمسة أسماؤها يونانية ، وتاريخها هو تاريخ الترجمة السبعينيّة. (١)
التوراة المنسوبة إلى موسى عليهالسلام
وهي الخمسة الاوى من أسفار العهد العتيق (سفر التكوين. وسفر الخروج. وسفر اللاويين. وسفر العدد. وسفر التثنية) تشتمل على ذكر الخلقة وتاريخ حياة الإنسان ومبعث الأنبياء واحدا بعد واحد ، حتّى ينتهي إلى اضطهاد فرعون لشعب إسرائيل ، وقيام موسى بالأمر ، والخروج ببني إسرائيل ، والأحداث الكبرى التي مرّت بهم في التيه ، وموت موسى بها في النهاية (١٤٥١ ق. م).
وقد قلنا : إنّ هذه الأسفار لا تصلح أن تكون هي التوراة الأصلية التي نزلت على موسى عليهالسلام في ألواح.
نعم ، تلك الألواح التي كان مكتوبا عليها شريعة موسى عليهالسلام جعلت في صندوق ، وكانت مع بني إسرائيل يحفظها الكهنة يدا بيد.
لكنّها ـ حسب ما جاء في سفر الملوك الأوّل (أصحاح ٨ ، عدد ٩) ـ ضاعت على عهد سليمان عليهالسلام (٩٧١ ـ ٩٣١ ق. م) عند ما أكمل بناء البيت وأراد نقل التابوت إلى محراب
__________________
(١) ـ دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي ، ج ٩ ، ص ٥٥٣ ـ ٥٥٤.