وبعد أن نقل الاستاذ العريض هذه الكلمات قال أخيرا : وأميل إلى هذا الرأي لأنّ الصواب في جانبه. فالمنسوخ تلاوة الثابت حكما غير موجود في كتاب الله تعالى. فالحقّ عدم جوازه. (١)
قلت : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ) (٢) و (سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا). (٣) والحمد لله ربّ العالمين.
مسألة الإنساء
ومزعومة اخرى تشابه اختها في التعسّف والاختلاق ، قالوا : من الآيات ما نسيت من القلوب ولم يعد لها ذكر في الصدور والأذهان.
وهذا نظير مسألة نسخ التلاوة التي مرّت آنفا ، حاولوا بذلك علاج ما رويت لديهم من أحاديث ـ زعموها صحاح الأسناد ـ تنمّ عن ضياع كثير من آيات القرآن بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله.
فقد أخرج جلال الدين السيوطي بإسناده إلى عمر بن الخطاب ، قال لعبد الرحمان بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا «أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة» فإنّا لا نجدها؟ قال ابن عوف : أسقطت فيما اسقط من القرآن.
وقال لابيّ بن كعب : أو ليس كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله «إنّ انتفاءكم من آبائكم كفر بكم»؟ فقال : بلى. ثمّ قال : أو ليس كنّا نقرأ «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فيما فقدنا من كتاب الله؟ فقال ابيّ : بلى.
ومن ثمّ كان عبد الله بن عمر يقول : لا يقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ، ما يدريه ما كلّه ، قد ذهب منه قرآن كثير ... (٤)
وقالت عائشة : كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلىاللهعليهوآله مائتي آية فلمّا كتب
__________________
(١) ـ فتح المنان ، ص ٢٢٣ ـ ٢٣٠.
(٢) ـ يوسف ١٢ : ٥١.
(٣) ـ الأعراف ٧ : ١٤٩.
(٤) ـ الدرّ المنثور ، ج ١ ، ص ١٠٦.