أثبتناه في تلك المواضع لذهب عنها تلك الروعة الراهنة ، في حين عدم الحاجة إلى ذكر الاسم ، وإنّما هو بيان شأن النزول لا غير.
قالوا ـ في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (١) ـ : إنّ اسم عليّ اسقط من قوله «انزل إليك في عليّ». (٢)
وسنأتي على مزاعم من هذا القبيل في فصل قادم.
وأسخف مزعومة زعمها هؤلاء هي سقط أكثر من ثلث القرآن ـ أي ما يزيد على ألفي آية ـ من خلال آية واحدة. هي آية القسط في اليتامى ، (٣) زعموا عدم تناسبها مع ذيلها في جواز نكاح النساء مثنى وثلاث ورباع ، فهناك زعموا سقطا كثيرا فيما بين الجملتين! (٤) هكذا ـ وبهذه العقلية الهزيلة ـ حاولوا توجيه نظم الآية الموجود!
وخلاصة القول : إنّ زعم التحريف سواء بالزيادة أو النقص أم بالتبديل يتنافى وموضع القرآن البلاغي المعجز تنافيا بيّنا.
٤ ـ آية الحفظ
قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ). (٥) هذه الآية الكريمة ضمنت بقاء القرآن وسلامته عن تطرّق الحدثان عبر الأجيال.
وهو ضمان إلهي لا يختلف ولا يتخلّف وعدا صادقا (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ). (٦) وهذا هو مقتضى قاعدة اللطف : «يجب على الله تعالى ـ وفق حكمته في التكليف ـ فعل ما يوجب تقريب العباد إلى الطاعة وبعدهم عن المعصية». ولا شكّ أنّ القرآن هو عماد الإسلام وسنده الباقي مع بقاء الإسلام ، وهو خاتمة الأديان السماوية الباقية مع الخلود. الأمر الذي يستدعي بقاء أساسه ودعامته قويمة مستحكمة لا تتزعزع ولا تنثلم مع
__________________
(١) ـ المائدة ٥ : ٦٧.
(٢) ـ منبع الحياة ، ص ٦٨.
(٣) ـ النساء ٤ : ٣.
(٤) ـ منبع الحياة ، ص ٦٨.
(٥) ـ الحجر ١٥ : ٩.
(٦) ـ الرعد ١٣ : ٣١.