الإسلام ، ممّن يرى القرآن كتابه السماوي الخالد ، الذي نزل دستورا للشريعة ومعجزة باقية دليلا على صحّة النبوّة.
وهم : الحشوية سلفا وخلفا من العامّة ، والأخباريّة المتأخّرة من الخاصّة. وهؤلاء إنّما وضعوا اليد على مواضع التحريف ـ فيما زعموا ـ كآية الرجم وآية الرضعات وآية لا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ، فيما روته الحشوية. وآية الذرّ «ألست بربّكم ومحمّد نبيّكم وعليّ إمامكم ...». فيما زعمه الجزائري وأذنابه.
أمّا الآيات المثبّتة في المصحف الشريف ، على ما تعارف عليه المسلمون عبر القرون ، فهم معترفون بصحّتها وحيا سماويا ، ليس فيها زيادة أو تبديل في نصّها الراهن.
وعليه : فلا يضرّ مذهبهم في التحريف ، إمكان الاستدلال بالموجود من الآيات الكريمة. ومن ثمّ لم نرهم في ردّ الاستدلال بالآية ونحوها عرضوا مسألة احتمال التحريف ، وإنّما تشبّثوا بتأويلات بعيدة غير ذلك. وما ذاك إلّا لأجل إذعانهم بسلامة النصّ الموجود.
إذن فلا موضع لهذه الشبهة التي لم تعرض من قبل الخصم فضلا عن غيره. وإنّما هي شبهة أثارتها ذهنيّة إمام المتشكّكين من غير أساس.
٥ ـ نفي الباطل عنه
قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ. لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). (١)
هذه الآية أصرح دلالة من الآية الاولى ، فقد وعد تعالى صيانته من الضياع وسلامته من حوادث الأزمان ، مصونا محفوظا يشقّ طريقه إلى الأمام بسلام.
قوله (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) ، الباطل : الفاسد الضائع. أي لا
__________________
(١) ـ فصّلت ٤١ : ٤١ و ٤٢.