المسلّمات عند العامّة! (١) استنتاج غريب!!
نعم ، هكذا تشبّثات غريبة تكشف عن وحشة العزلة التي أحسّ بها الشيخ النوري عند تأليف «فصل الخطاب» ، فحاول اختلاق معاضدين له ولو في عالم الأوهام. الأمر الذي لمسه المسكين من أوّل يومه ، فجعل يتسلّى بنفسه بموافقة الدليل فلا يستوحش الانفراد. قال : لا نستوحش الانفراد ما دام يوافقنا الدليل. (٢) ولكن أين الدليل الذي زعمه مرافقا له ، سوى روايات عامّية شاذّة ومخالفة لصريح القرآن ولإجماع الامّة على الإطلاق.
وأمّا قوله : «جلّ المحدّثين وأساطين المتأخّرين» فأراد بهم تلك الفئة الأخبارية التي جعلت أساطينها المتزعزعة تتداعى تجاه صرخة الحقّ المدوّية ، ولا كلام لنا معهم سوى إبداء خطئهم في هذا الاختيار.
نقل الحديث لا ينمّ عن عقيدة ناقله
من سفه القول أن ينسب إلى جماعة ما لم يقولوه وإنّما نقلوه نقلا. ومجرّد نقل الحديث لا ينمّ عن عقيدة ناقله ما لم يتعهّد صحّة ما يرويه والتزامه به. وهكذا نسبوا إلى جماعة من أعاظم أهل الحديث ـ كمحمد بن يعقوب الكليني وعلي بن إبراهيم القمي ومحمد بن مسعود العيّاشي ـ أنّهم ذهبوا إلى القول بالتحريف ، بحجّة أنّهم أوردوا في كتبهم أحاديث قد تستدعي ـ حسب زعم الناسب ـ وقوع تغيير في الكتاب العزيز.
وهي نسبة جاهلة لا تعتمد على أساس ، وترفضه ضرورة فنّ التحقيق.
وللسيّد الشهرستاني الكبير (الميرزا محمد حسين الحائري (ت ١٣١٥) كان من أجلّة علماء عصره وصاحب فنون) برهان لطيف في تزييف هكذا مزعومات باطلة ، ذكره في رسالة وضعها دحضا لشبهة القائل بالتحريف ، نورده هنا مع شيء من تفصيل وتوضيح حسب المناسبة :
__________________
(١) ـ فصل الخطاب ، ص ٢٨ وفي المقدّمة ، ص ١٥.
(٢) ـ في آخر المقدّمة من فصل الخطاب ، ص ٣٥.