منه! وأمّا المعوّذتان فكان يراهما دعائين كالحفد والخلع. (١)
وأمّا عثمان (أي اللجنة المسؤولة عن قبله) فقد أثبت ما كان قرآنا وترك غيره. الأمر الذي يدلّ على معروفية كونهما دعائين.
١٦ ـ سورة براءة ما بقي سوى ربعها!
زعم مالك بن أنس أنّ سورة براءة كانت تعدل سورة البقرة ، وقد اسقط من أوّلها ، فاسقطت البسملة فيما اسقط.
قال جلال الدين السيوطي : قال مالك : إنّ أوّلها لمّا سقط سقط معه البسملة ، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة لطولها. (٢)
وأخرج الحاكم بإسناد زعمه صحيحا عن حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل ، أنّه قال : ما تقرأون ربعها ، يعني ربع براءة. وأنّكم تسمّونها سورة التوبة وهي سورة العذاب. (٣)
وفي رواية اخرى : التي تسمّون سورة التوبة هي سورة العذاب. والله ما تركت أحدا إلّا نالت منه. ولا تقرأون إلّا ربعها. (٤)
وقد قيل قديما : الكذوب تخونه ذاكرته. سورة براءة تشتمل على مائة وتسعة وعشرين آية نصف آي البقرة تقريبا المشتملة على مائتين وست وثمانين آية. فكيف يخفى ذلك على مثل حذيفة ، بل وعلى مثل مالك! هذا أوّلا.
وثانيا : ما هي الأسماء التي اسقطت ، هل هي أسماء المشركين؟ أم أسماء المنافقين؟ ومتى اسقطت؟ هل في حياة الرسول أم بعد وفاته؟ ومن الذي تجرّأ على إسقاطها أهم المشركون الذين بادوا أيادي سبأ؟! أم المنافقون الذين لم يزالوا في خوف الافتضاح؟!
وثالثا : لو كانت سورة براءة بهذا الطول على عهد حذيفة لكانت تعدّ من السور الطوال
__________________
(١) ـ راجع : التمهيد ، ج ١ ، «وصف مصحف ابن مسعود» ، الجهة الثانية والثالثة.
(٢) ـ الإتقان ، ج ١ ، ص ١٨٤.
(٣) ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم ، ج ٢ ، ص ٣٣٠ ـ ٣٣١.
(٤) ـ الدرّ المنثور ، ج ٣ ، ص ٢٠٨.