قلت : والقراءة المشهورة ممدودة ، والمعنى : يؤدّون ما أدّوا من أعمال البرّ وفعل الخيرات ، أمّا على قراءة القصر فالمعنى يعملون ما عملوا من خير أو شرّ ، والمعنى على ذلك لا يستقيم!! ومن ثمّ زعمت من الآية أنّها واردة بشأن مرتكبي الآثام ، فسألت النبي صلىاللهعليهوآله عن ذلك وقالت : هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر ، وهو يخاف الله؟ فنهرها النبي صلىاللهعليهوآله عن زعمها وقال : «لا يا عائشة ، ولكنّه الذي يصوم ويصلّي ويتصدّق ويخاف الله» أي غير معجب بنفسه. (١)
والمعتمد هي قراءة المدّ ، التي كان عليها جمهور المسلمين.
٢٢ ـ خطأ في الاجتهاد!
نسب إلى ابن عباس أنّه زعم في قوله تعالى : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها :) (٢) إنّه من خطأ الكاتب. وإنّما هو «حتّى تستأذنوا وتسلّموا ...».
هكذا رواه الطبري في التفسير ، وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين. (٣)
فقد زعم الزاعم أنّ شرط الدخول هو الاستيذان ، وأمّا الاستيناس فهو بعد الدخول!
لكن في التعبير بالاستيناس بدل الاستيذان نكتة دقيقة ، هي :
إنّ المستأذن إذا لم يواجه بالحفاوة والترحاب من أهل الدار فإنّه لم يصحّ له الدخول ، فلعلّه من المأخوذ بالحياء ، فإذا استأنس منهم الرضا وطيب النفس فعند ذلك يدخل بسلام.
الأمر الذي لم يكن يخفى على مثل ابن عباس الرجل الخبير بدقائق الكلام.
٢٣ ـ اجتهاد في مقابلة النصّ!
وهكذا زعم ـ فيما نسب إليه ـ في قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
__________________
(١) ـ راجع : الإتقان ، ج ٤ ، ص ٢٣٨.
(٢) ـ النور ٢٤ : ٢٧.
(٣) ـ جامع البيان ، ج ١٨ ، ص ٨٧ ؛ والمستدرك على الصحيحين ، ج ٢ ، ص ٣٩٦.