قال ابن هشام : هذه اللام عند سيبويه والأكثر هي لام الابتداء المزحلقة التي تفيد التوكيد ويلزم دخولها عند التخفيف بعد أن كانت جائزة عند التشديد.
وعليه فلا إشكال في الآية رأسا.
* * *
وأمّا قراءة التشديد مع الألف ، فهي قراءة بقية القرّاء سوى أبي عمرو ، فحجّتهم أنّها مكتوبة في الإمام هكذا بالألف فيجب متابعته. إنّما الإشكال في التشديد مع عدم النصب. فقالوا : إنّها لغة لبعض العرب وهم «بنو الحارث بن كعب ومن جاورهم». (١) والقرآن قد يتبع في استعماله لغات القبائل غير المعروفة.
ووجّهه النحويّون بوجوه ؛ منها : أنّ «إنّ» هنا بمعنى نعم. واشكل بدخول اللام في الخبر. واجيب بأنّها داخلة على جملة محذوفة المبتدأ. واعترض بعدم إمكان الجمع بين التوكيد والحذف.
لكنّه تكلّف بعيد. والمتّبع هي قراءة حفص التي عليها الجمهور.
وأمّا قراءة أبي عمرو بالياء فعلى وفق الأصل ، لكنّها قراءة شاذّة غير جائزة لدينا.
(٢ ـ في سورة المائدة : ٦٩)
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
قرأ المشهور : «والصّابئون» بالرفع عطفا على محل اسم إنّ. قال الفرّاء : ويجوز ذلك إذا كان الاسم ممّا لم يتبيّن فيه الإعراب ، كالمضمر والموصول. كقول الضابئ بن الحارث البرجمي :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإنّي وقيار بها لغريب |
وقال بشر بن حازم :
__________________
(١) ـ راجع : معانى القرآن للفرّاء ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ؛ وسعد السعود لابن طاووس ، ص ٢٦٥.