الفصل الأول
التحريف
في اللغة والاصطلاح
التحريف لغة
التحريف بالشيء إمالته والعدول به عن موضعه إلى جانب ، مأخوذ من حرف الشيء بمعنى طرفه وجانبه. قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) .. (١)
قال الزمخشري : أي على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم ، لا على سكون وطمأنينة ، كالذي يكون على طرف العسكر ، فإن أحسّ بظفر وغنيمة قرّ واطمأنّ ، وإلّا فرّ وطار على وجهه. (٢)
وتحريف الكلام : تفسيره على غير وجهه ، أي تأويله بما لا يكون ظاهرا فيه ، تأويلا من غير دليل. كأنّ لدلالة الكلام الذاتية مجرى طبيعيّا يجري فيه حسب طبعه الأوّلي المتوافق مع قانون الوضع. لو لا أنّ المحرّف يأخذ بعنان الكلام فيميل به إلى غير طريقه ويجعله على جانب من مجراه الأصيل.
ومعلوم أنّ التحريف بهذا المعنى إنّما هو تحوير بمدلول الكلام وتصريف في محتواه ،
__________________
(١) ـ الحج ٢٢ : ١١.
(٢) ـ الكشّاف ، ج ٣ ، ص ١٤٦.