لم يسقط من كلام الله تعالى شيء ، لانعقاد الإجماع على ذلك ، والله أعلم. (١)
وهكذا اغترّ بعض المتأخّرين كصاحب كتاب «الفرقان» فدبّج مقاله بأقاصيص من تلك الروايات والحكايات السلفية ، ما أثار ضجّة عارمة في القطر المصري يومذاك ، وسوف نتعرّض له. (٢)
أمّا فقهاء الإمامية فقد شطبوا على تلكم الأوهام الخرافية ولم يقيموا لها وزنا ولم يعتمدوها في مجال الفقه والإفتاء أبدا ، (٣) حديث خرافة يا امّ عمرو!
وقد كنّا عزمنا من ذي قبل أن نطوي الكلام عن مزعومة قديمة لا وزن لها في عالم الاعتبار ، وإيكال الأمر إلى بديهة العقل الحاكم بسخافة تلكم الأباطيل التي تأباه قدسيّة القرآن الكريم (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ. لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤) لو لا أنّ كتابات مستأجرة (٥) كانت تعمل ـ أخيرا ـ في تمزيق وحدة المسلمين بتوجيه التهم المفضوحة إلى أهمّ طوائف المسلمين (الشيعة الإمامية) لتنسب إليها القول بالتحريف الباطل وهم منه براء. (٦)
ورأينا من الواجب القيام بردّ ذلك الهراء العارم دفاعا عن قدسية القرآن الكريم أوّلا ، وفضح التهم الموجّهة إلى امّة إسلامية كبيرة ، لم تزل ولا تزال جاهدة في حراسة هذا الدين والوقوف بكلّ وجودها في وجه مناوئي الإسلام طول عهد التاريخ ثانيا. هذا ما عزمنا عليه والله من وراء القصد وهو وليّ التوفيق.
__________________
(١) ـ نقل ذلك الشيخ الشعراني في كتابه «الكبريت الأحمر» المطبوع على هامش «اليواقيت والجواهر» ، ج ١ ، ص ١٣٩.
(٢) ـ عند الكلام عن مزاعم الحشوية وأذنابهم ودورهم في نشر تلكم الأباطيل ، برقم ٢٧ من «التحريف عند الحشوية العامة».
(٣) ـ لا تجد فقيها من فقهاء الإمامية لا في القديم ولا في الجديد من يكترث بهكذا روايات ساقطة لا حجّية فيها ولا اعتبار.
(٤) ـ فصّلت ٤١ : ٤١ و ٤٢.
(٥) ـ وأخيرا قام صعلوك من صعاليك الهند (إحسان إلهي ظهير) جاهدا في تفرقة المسلمين ، بتوجيه التهم الظالمة إلى الشيعة الإمامية ، وذلك في صالح المستعمر الكافر وسرعان ما جازاه الله بنار الدنيا ـ في حادث انفجار مهيب ـ قبل عذاب الآخرة الأشدّ.
(٦) ـ سيأتي كلام الأشعري في تبرئة الشيعة الإمامية من تهمة القول بالتحريف إطلاقا لا زيادة ولا نقصا ولا تبديلا. راجع : مقالات الإسلاميين ، ج ١ ، ص ١١٩ ـ ١٢٠.