شهادة المستشرق (كارلونلينو)
يقول الاستاذ عبد الوهاب النجّار : كنت في سنة ١٨٩٣ ـ ١٨٩٤ م طالبا بدار العلوم. وكان يجلس بجانبي ـ في درس اللغة العربيّة ـ العلّامة الكبير الدكتور «كارلونلينو» المستشرق التلياني. وكان يحضر درس اللغة العربية بتوصية من الحكومة الإيطالية ، فانعقدت أواصر الصحبة المتينة بيني وبينه. فاتّفق ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة (١٣١١ ه) ـ وهي ليلة المعراج ، والشوارع والدرابين مزيّنة والناس في سرور عيد ـ أن خرجنا في درب الجماميز ، وجرى الحديث بيننا بالمناسبة. وقلت له في أثناء الكلام ـ وأنا أعلم أنّه يحمل شهادة الدكتوراه في آداب اليهود اليونانية القديمة ـ : ما معنى «بيريكلتوس»؟ فأجابني : إنّ القسس يقولون : إنّ هذه الكلمة معناها «المعزّى». فقلت له : إنّي أسأل الدكتور «كارلونلينو» الدكتوراه في اللغة اليونانية القديمة ، ولست أسأل قسّيسا! فقال : إنّ معناها «الذي له حمد كثير». فقلت له : هل ذلك يوافق أفعل التفضيل من «حمد»؟ فقال : نعم. فقلت : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله من أسمائه «أحمد». فقال : يا أخي أنت تحفظ كثيرا. ثمّ افترقنا ، وقد ازددت بذلك تثبّتا في معنى قوله تعالى حكاية عن المسيح : «ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد». (١)
تحريف بلهجة التعبير
هناك نوع آخر من التحريف كان تحريفا بلهجة التعبير ، كانوا يعبّرون بالكلمة تعبيرا محرّفا فيختلف معناها عمّا لو كانت تؤدّى بلهجتها الاولى.
كانت اليهود تلوي ألسنتها عند النطق ببعض الكلمات فتنقلب فحشا ومسبّة. كما قال تعالى عنهم : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ). (٢)
__________________
(١) ـ بهامش قصص الأنبياء ، ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ، برقم ٢ ، والآية ٦ من سورة الصفّ.
(٢) ـ النساء ٤ : ٤٦.