الآن ، فهو على ما كان من غير تحريف. (١)
وقال ـ فيما كتبه ردّا على مسلك الأخباريين ـ : وصدرت منهم أحكام غريبة وأقوال منكرة عجيبة ، منها : قولهم بنقص القرآن ، مستندين إلى روايات تقضي البديهة بتأويلها وطرحها. وفي بعضها : نقص ثلث القرآن أو ربعه ونقص أربعين اسما في سورة «تبّت» منها أسماء جماعة من المنافقين. وفي ذلك منافاة لبديهة العقل ، لأنّه لو كان ذلك ممّا أبرزه النبي صلىاللهعليهوآله وقرأه على المسلمين وكتبوه لافتضح المنافقون ، ولم يكن النبي صلىاللهعليهوآله مأمورا إلّا بالستر عليهم ، ولقامت الحرب على ساق ، وكان في ابتداء الإسلام من الفتن ما كان في الختام. ثمّ لو كان حقّا لتواتر نقله وعرفه جميع الخلق ، لأنّهم كانوا يضبطون آياته وحروفه وكلماته تمام الضبط ، فكيف يغفلون عن مثل ذلك. ولعرف بين الكفّار ، وعدّوه من أعظم مصائب الإسلام والمسلمين. ولكان القارئ لسورة من السور الناقصة مبعّضا في الحقيقة. ولكان القرآن غير محفوظ ، وقد أخبر الله بحفظه ، ولعرف بين الشيعة ، وعدّوه من أعظم الأدلّة على خروج الأوّلين من الدين ، لأنّ النقص ـ على تقدير ثبوته ـ إنّما هو منهم.
قال : يا للعجب من قوم يزعمون سلامة الأحاديث وبقائها محفوظة وهي دائرة على الألسن ومنقولة في الكتب ، في مدّة ألف ومائتي سنة ، وأنّها لو حدث فيها نقص لظهر واستبان وشاع!! لكنّهم يحكمون بنقص القرآن ، وخفي ذلك في جميع الأزمان!! (٢)
قلت : أكرم به من محقّق خبير ، وأجدر به من ناطق بالحقّ المبين.
٩ ـ وقال حفيده الفقيه المحقّق ، الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣) ـ في رسالته التي وضعها في اصول معتقدات الشيعة الغرّاء ـ : وإنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه صلىاللهعليهوآله للإعجاز والتحدّي ولتعلّم الأحكام وتمييز الحلال من الحرام. وأنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة. وعلى هذا إجماعهم
__________________
(١) ـ كشف الغطاء ، كتاب القرآن من كتاب الصلاة ، المبحث السابع والثامن ، ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩.
(٢) ـ عن كتابه «الحقّ المبين» ، ص ١١. ونقله القاضي الطباطبائي في هامش الأنوار النعمانية ، ج ٢ ، ص ٣٥٩.