الصلاة ، فكتب ما قيل له! (١)
وعن أبي عمرو : إنّي لأستحي أن أقرأ «إنّ هذا لساحران». (٢)
قلت : سنوافيك بالتخريج الصحيح لمواضع الآيات ، وفق اللغة الفصحى من غير ما ضعف. إلّا أنّ النسبة إلى مثل سعيد وأبان ـ وهما العلمان الكبيران ـ تبدو غريبة ، إذ كيف يخفى وجه الصواب على مثلهما ، حتّى يسندا الغلط إلى قراءة المشهور!؟
نعم ، يجوز ذلك من مثل عروة ، الجاهل بمواضع اللغة ودقائقها.
أمّا أبو عمرو بن العلاء ـ كان أعلم أهل زمانه بالقرآن والعربيّة وآدابها ـ (٣) فكان استحياؤه أن يقرأ بالألف ، على فرض تثقيل «إنّ» ولعلّ الحقّ معه على ذلك الفرض ، إذ لا وجه له صحيحا ، أمّا على قراءة التخفيف ، كما هي قراءة حفص وجمهور المسلمين ، فلا موضع للإشكال فيه ، على ما سننبّه.
وإليك الآن بعض التوجيه بشأن الآيات الأربع ، ذكره ألمع علماء الأدب والبيان :
(١ ـ في سورة طه : ٦٣)
قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ).
قرأ حفص بتخفيف «إن» المكسورة. وهي القراءة المشهورة التي عليها جمهور المسلمين ، وهي الصحيحة عندنا. فتكون «إن» مخفّفة عن الثقيلة وهي لا تعمل النصب.
ووجود اللام في الخبر دليل على أنّها المخفّفة. قال ابن هشام : وحيث وجدت «إن» مكسورة مخفّفة وبعدها اللام المفتوحة فأحكم عليها بأنّ أصلها التشديد. نحو قوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً). (٤) وقول الشاعر :
شلّت يمينك إن قتلت لمسلما |
|
حلّت عليك عقوبة المتعمّد |
وهكذا قال الزمخشري : هي المخفّفة التي تلزمها اللام الفارقة.
__________________
(١) ـ المصدر.
(٢) ـ تفسير الرازي ، ج ٢٢ ، ص ٧٤.
(٣) ـ راجع : تهذيب التهذيب ، ج ١٢ ، ص ١٧٨ ـ ١٨٠.
(٤) ـ البقرة ٢ : ١٤٣.