وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (١) إنّ الذي انزل على لسان النبي صلىاللهعليهوآله «ووصّى ربّك ...» غير أنّ الكاتب استمدّ مدادا كثيرا فالتزقت الواو بالصاد. (٢) هذا مع العلم أنّ المصاحف يومذاك كانت خالية عن النقط والشكل.
قال : ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد.
قيل : وسئل الضحّاك عن هذا الحرف ، قال : ليس كذلك نقرأها نحن ولا ابن عباس. إنّما هي : «ووصّى ربّك ...» وكذلك كانت تقرأ وتكتب ، فاستمدّ كاتبكم فاحتمل القلم مدادا كثيرا فالتزقت الواو بالصاد. ثمّ قرأ : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ). (٣)
قال : ولو كانت قضى من الربّ لم يستطع أحد ردّ قضائه. ولكنّه وصية أوصى بها العباد! (٤)
لكنّها نظرة فاسدة تجاه إجماع الامّة ، ولعلّه من الاجتهاد في مقابلة النصّ!
إنّ القضاء من الله على نحوين : قضاء تكوين وقضاء تشريع ، فالذي لا يمكن ردّه هو القضاء في التكوين ، «لا رادّ لقضائه» : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). (٥)
أمّا القضاء في التشريع فهو عبارة عن التكليف أمرا ونهيا ، بعثا وزجرا ، والعباد مختارون في الإطاعة والعصيان ، اختيارا لمصلحة الاختبار. إذ لا تكليف لو لا الاختيار. قال تعالى : (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) (٦) أي حكم حكما إلزاميا باتا. وهكذا معنى الآية : إنّه تعالى أمر أمرا باتا لا تعلّل في وجوب امتثاله!
٢٤ ـ زعم فاسد!
وأخرج الطبري في التفسير عن ابن عباس أنّه كان يقرأ : (أَفَلَمْ) (يتبيّن) (الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
__________________
(١) ـ الإسراء ١٧ : ٢٣.
(٢) ـ الدرّ المنثور ، ج ٤ ، ص ١٧٠.
(٣) ـ النساء ٤ : ١٣١.
(٤) ـ الإتقان ، ج ٢ ، ص ٢٧٥ ـ ٢٧٦.
(٥) ـ البقرة ٢ : ١١٧.
(٦) ـ الأحزاب ٣٣ : ٣٦.