نسخ نسخا للتلاوة والحكم معا.
قلت : لا محمل لهذا الكلام ، بعد امتناع نسخ التلاوة على ما بيّنّاه في مسألة النسخ في القرآن وذكرنا أنّه من غير الممكن أساسا.
على أنّ ظاهر كلامها : أنّ لفظة «متتابعات» اسقطت فيما بعد فيما اسقط من المصحف على عهد الصحابة ولا سيّما على عهد عثمان ، فيما حسبوا ، وقد زيّفناه سلفا.
١٠ ـ آية الرضعات أكلها داجن البيت!
روى مالك ـ في الموطأ ـ بإسناده عن عمرة بنت عبد الرحمان عن عائشة ، قالت : كانت فيما انزل من القرآن «عشر رضعات معلومات يحرّمن» ثمّ نسخن ب «خمس معلومات» فتوفّي رسول الله صلىاللهعليهوآله وهنّ فيما يقرأ من القرآن. (١)
وهكذا روى مسلم في صحيحه عن طريق مالك وعن طريق يحيى بن سعيد. (٢)
ولكن مالكا قال ـ بعد نقل الحديث ـ : وليس على هذا العمل.
وقال الزيعلي ـ تعليقا على رواية مسلم ـ : لا حجّة في هذا الحديث ، لأنّ عائشة أحالتها على أنّه قرآن. وقالت : ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلمّا مات رسول الله صلىاللهعليهوآله وتشاغلنا بموته دخل داجن البيت فأكلها!
قال : وقد ثبت أنّه ليس من القرآن لعدم التواتر. ولا تحلّ القراءة به ولا إثباته في المصحف. ولأنّه لو كان قرآنا لكان متلوّا اليوم ، إذ لا نسخ بعد النبي صلىاللهعليهوآله. (٣)
وقد ترك البخاري روايته ، وكذا أحمد في مسنده ، نظرا لغرابته الشائنة.
وللإمام ابن حزم الأندلسي هنا كلام غريب نقلناه آنفا. (٤)
__________________
(١) ـ تنوير الحوالك ، ج ٢ ، ص ١١٨ آخر كتاب الرضاع.
(٢) ـ صحيح مسلم ، ج ٤ ، ص ١٦٧ ؛ والدارمي ، ج ٢ ، ص ١٥٧ ؛ وأبو داود ، ج ٢ ، ص ٢٢٤.
(٣) ـ بهامش مسلم ، ج ٤ ، ص ١٦٧ ؛ والداجن : ما ألف البيت من شاة أو حمام أو دجاج.
(٤) ـ المحلّى ، ج ١١ ، ص ٢٣٤ ـ ٢٣٦. راجع : الجزء الثاني من التمهيد ، «نسخ التلاوة دون الحكم».