قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (١) أنّها متبدّلة من «كنتم خير أئمّة ...». (٢)
وزعموا من قوله : (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) (٣) أنّها متبدّلة من «فلمّا خرّ تبيّنت الإنس أن لو كانت الجنّ يعلمون الغيب».
ومن قوله : (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ..). (٤) بفتح ياء المضارعة ـ أنّها متبدّلة من «يعصرون ...» بضمّ الياء بمعنى الإمطار.
وقوله : (أُمَّةً وَسَطاً ..). (٥) أنّها كانت «أئمّة وسطا ...».
وقوله : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٦) أنّها كانت «كنت ترابيا».
قالوا : ومثل هذا كثير. (٧)
كلّ ذلك باطل ، لأنّه ورد بخبر واحد ، وهو غير حجّة في باب القطعيات.
وهكذا التبديل الموضعي يخلّ بنظم الكلام المبتنى عليه الإعجاز نظما واسلوبا.
قالوا ـ في قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) (٨) أنّها متغيّرة من «ويتلوه شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى» قالوا : تقدّم حرف على حرف فذهب معنى الآية (٩) حسب زعمهم.
ومثله النقص بإسقاط كلمة أو كلمات ضمن جملة واحدة ، أنّها إذا كانت منتظمة في اسلوب بلاغي بديع ، فإنّ حذف كلمات منها سوف يؤدّي إلى إخلال في نظمها ويذهب بروعتها الاولى ولا يدع مجالا للتحدّي بها.
الأمر الذي غفل عنه زاعموا التحريف فجنوا جنايتهم بشأن قداسة القرآن الكريم :
زعموا إسقاط اسم الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام من مواضع من القرآن ، ذهولا عن أنّه لو
__________________
(١) ـ آل عمران ٣ : ١١٠.
(٢) ـ منبع الحياة للجزائري ، ص ٦٨.
(٣) ـ سبأ ٣٤ : ١٤.
(٤) ـ يوسف ١٢ : ٤٩.
(٥) ـ البقرة ٢ : ١٤٣.
(٦) ـ النبأ ٧٨ : ٤٠.
(٧) ـ راجع فيما نسبوه إلى النعماني. البحار ، ج ٩٠ ، ص ٢٦ ـ ٢٧.
(٨) ـ هود ١١ : ١٧.
(٩) ـ البحار ، ج ٩٠ ، ص ٢٦ ـ ٢٧.