بهم.
وقال سيبويه ـ في باب ما ينتصب في التعظيم والمدح ـ : وسمعنا بعض العرب يقول : الحمد لله ربّ العالمين ـ بنصب الربّ ـ فسألت عنها يونس فزعم أنّها عربيّة. (١) قال : ومثل ذلك قول الله عزوجل : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ، فلو كان كلّه رفعا كان جيّدا ، فأمّا «المؤتون» فمحمول على الابتداء.
قال : ونظيره قوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ ...). (٢) فقطع إلى النصب مدحا. قال : ولو رفع عطفا أو استينافا كان جيّدا.
وقالت الشاعرة ـ وهي الخرنق من بني قيس بن ثعلبة ـ :
لا يبعدن قومي الذين هم |
|
سمّ العداة وآفة الجزر (٣) |
النازلين بكلّ معترك |
|
والطيّبون معاقد الازر (٤) |
قال : وزعم يونس أنّ من العرب من يقول : النازلون ، والطيبين.
قال : وزعم الخليل أنّ نصب هذا على أنّك لم ترد أن تحدّث الناس ولا من تخاطب بأمر جهلوه ، ولكنّهم علموا من ذلك ما قد علمت ، فجعلته ثناء وتعظيما. ونصبه على الفعل ، كأنّه قال : اذكر أهل ذاك واذكر المقيمين. ولكنّه فعل لا يستعمل إظهاره. وهذا شبيه بقوله : إنّا بني فلان نفعل كذا ... على الاختصاص افتخارا وابتهاءا.
قال : ومن هذا الباب في النكرة قول اميّة بن أبي عائذ :
ويأوي إلى نسوة عطّل |
|
وشعثا مراضيع مثل السعالي |
قال الخليل : كأنّه قال : واذكرهنّ شعثا. غير أنّه على الذمّ. (٥)
__________________
(١) ـ كان سيبويه يحترم من آراء يونس. والزعم هنا بمعنى الرأي والنظر.
(٢) ـ البقرة ٢ : ١٧٧.
(٣) ـ المعنى : أنّهم بالنسبة إلى الأعداء سموم قتّالة ، وبالنسبة إلى الأضياف ناحرون الجزر جمع جزور.
(٤) ـ المعنى : أنّهم لا يمسّون الفاحشة ، وأنّهم عند معاقد الازر (جمع ازار) أطياب.
(٥) ـ راجع : كتاب سيبويه ، ج ١ ، ص ٢٨٨ ـ ٢٩١ ؛ والسعالي : جمع السعلاة انثى الغول.