أمّا السورة المزعومة ذاتها ، فهي تنادي بأنّها حديث مفترى ، لا تعدو سوى تلفيقات ركيكة وتعبيرات هجينة لا تمتّ إلى أب صالح ولا امّ صالحة. إنّها خالفت قواعد الإعراب فضلا عن الأدب الرفيع. الأمر الذي يؤكّد غرابة نسبتها إلى أيّ فئة من فئات الشيعة ، وهم على مختلف طبقاتهم كانوا ولا يزالون أئمّة النقد والتمحيص ، وأساتذة الأدب والبيان ، والمضطلعين بالعلوم العربية على طول التاريخ.
ولا ريب أنّها سفاسف سخيفة حاكتها عقول غير ناضجة ، يتحاشاها ذوو الأحلام الراجحة. نعم سوى أحقاد جاهلية تبعث على هذا الافتراء الكاذب. قال تعالى : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ). (١) إنّه سفه وحمق إلى جنب خبث السريرة ، الأمر الذي يشكّل طابع أمثال صاحب الدبستان الصعلوك المسكين.
وبعد ، فما هو معنى «النورين النازلين من السماء يتلوان الآيات ويحذّران العذاب»؟!
وما معنى «الذين يوفون بعهد الله ورسوله في آيات»!
وما معنى «واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين اولئك في خلقه»!
وكيف لم ينتصب خبر «كانوا معرضون»!
وما معنى «ما نحن عن ظلمه بغافلين»!
وكيف يكون في الآيات البيّنات من يتوفّى مؤمنا؟!
وما معنى «فبغوا هارون»؟! فصبر جميل ـ على هذه الترّهات ـ!
وما معنى «ولقد آتينا بك الحكم كالذين من قبلك»؟!
وما معنى «جعلنا لك منهم وصيّا»؟!
ولماذا انتصب خبر «إنّ» إنّ عليّا قانتا ساجدا؟!
وبماذا يستوي الذين ظلموا؟!
قال العلّامة البلاغي : ولعلّ المعنى في بطن الشاعر!!
قال : هذا بعض الكلام في هذه المهزلة ، وأنّ صاحب فصل الخطاب من المحدّثين
__________________
(١) ـ النحل ١٦ : ١٠٥.