فإن انجمد نزل صقيعا ، وإلا فطلا ، فنسبة الصقيع إلى الطل ، نسبة الثلج إلى المطر ، وقد يكون السحاب الماطر من بخار كثير يتكاثف بالبرد من غير أن يتصعد إلى الزمهريرية ، لمانع مثل هبوب الرياح المانعة للأبخرة من التصاعد ، أو الضاغطة إياها إلى الاجتماع ، بسبب وقوف (١) جبال قدام الرياح ، ومثل ثقل الجزء المتقدم وبطء حركته ، وقد يكون مع البخار المتصاعد دخان ، فإذا ارتفعا معا إلى الهواء البارد ، وانعقد البخار سحابا ، واحتبس الدخان فيه ، فإن بقي الدخان على حرارته قصد الصعود ، وإن برد قصد النزول. وكيف (٢) كان فإنه يمزق السحاب تمزيقا (٣) عنيفا ، فيحدث من تمزيقه ومصاكته صوت هو الرعد ، ونارية لطيفة(٤) هي البرق ، أو كثيفة هي الصاعقة ، وقد يشتعل الدخان الغليظ بالوصول إلى كرة النار ، كما يشاهد عند وصول دخان سراج منطفئ إلى سراج مشتعل فيسري فيه الاشتعال ، فيرى كأنه كوكب انقض (٥) وهو الشهاب ، وقد يكون الدخان لغلظه لا يشتعل ، بل يحترق ويدوم فيه الاحتراق ، فيبقى على صورة ذؤابة أو ذنب أو حية أو حيوان (٦) له قرون ، وربما يقف تحت كوكب ، ويدور مع النار بدوران الفلك إياها (٧) ، وربما تظهر فيه علامات هائلة حمر وسود بحسب زيادة غلظ (٨) الدخان ، وإذا لم ينقطع اتصال الدخان من الأرض ، ونزل اشتعاله إلى الأرض يرى كأن تنينا ينزل من السماء إلى الأرض وهو الحريق.
[قال (وقد تتكاثف الأدخنة)
المتصاعدة بالبرد ، فتنزل بطبعها ، وبرد حركة الفلك إياها عند وصولها إلى كرة
__________________
(١) في (أ) وجود بدلا من (وقوف)
(٢) في (أ) وايما كان بدلا من (وكيف كان)
(٣) في (ب) سقط لفظ (تمزيقا)
(٤) سقط من (ب) لفظ (لطيفة)
(٥) في (أ) سقط بدلا من (انقض)
(٦) سقط من (ب) لفظ (أو حيوان)
(٧) في (ب) اياما بدلا من (إياها)
(٨) في (أ) كثرة بدلا من (غلظ)