وثلاثون قسما ، لأن الخروج ، إما بالحرارة مع البرودة والرطوبة ، أو مع البرودة واليبوسة ، أي مع الرطوبة واليبوسة ، وإما بالبرودة مع الرطوبة واليبوسة يصير أربعة نضربها في ثمان حالات. هي زيادة الكيفيات الثلاث ، ونقصانها ، وزيادة كل من الثلاث مع نقصان الأخريين ، ونقصان كل مع زيادة الأخريين. والرابع ستة عشر قسما على عدد الحالات الممكنة. أعني زيادة الكيفيات الأربع ونقصانها ، وزيادة كل منها مع نقصان الثلاث الباقية وبالعكس. فهذه عشرة ، وزيادة كل اثنتين مع نقصان الآخريين. وهذه ستة. لأن الاثنتين. إما الفاعلتان وإما المنفعلتان ، وإما كل من الفاعلتين مع كل من المنفعلتين. والمعترض قد أخلّ ببعض هذه الأقسام ، فجعل الأقسام الممكنة ثلاثة وستين ، فاستوفاها العلامة الشيرازي (١) ثمانين.
ثم أجاب : بأن معنى هذا الاعتدال ، هو أن يتوفر على الممتزج من كميات العناصر وكيفياتها القسط الذي هو أليق بحاله ، وأنسب بأفعاله. أعني أن تكون الحرارة والبرودة فيه على نسبة تلائم أفعاله على الوجه الأفضل الأليق ، وكذا الرطوبة واليبوسة ، فما دامت هذه النسبة محفوظة ، كان الاعتدال باقيا ، وإن فرض زيادة أو نقصان في مقادير الكيفيات مثلا ، إذا كان اللائق بالممتزج أن يكون الحار ضعف البارد ، كأن يكون الحار من عشرة إلى عشرين ، والبارد من خمسة إلى عشرة ، فإذا زادت الفاعلتان ، فصارت الحرارة اثنتي عشرة والبرودة ستة ، أو انتقصتا فصارت الحرارة ثمانية ، والبرودة أربعة ، فإن الاعتدال باق لبقاء النسبة. وإن صارت البرودة ستة مع كون الحرارة أحد عشر فليس هذا خروجا عن الاعتدال بالكيفيتين ، بل بالبرودة فقط ، إذ المزاج صار أبرد مما ينبغي لا أحر ، ومع كون
__________________
(١) هو محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي قطب الدين الشيرازي : قاض علم بالعقليات ، مفسر ، ولد بشيراز عام ٦٣٤ وكان أبوه طبيبا فيها فقرأ عليه ، ثم قصد نصير الدين الطوسي وقرأ عليه ، ودخل الروم فولى قضاء سيواس وملطيه ، وزار الشام ثم سكن تبريز وتوفي بها عام ٧١٠ ه. من كتبه فتح المنان في تفسير القرآن نحو ٤٠ مجلدا منه الجزء الاول مخطوط ، وحكمة الاشراق ط ، وشرح كليات القانون في الطب لابن سينا ، ومفتاح المفتاح في البلاغة ، وغرة التاج في الحكمة ، ونهاية الإدراك في دراية الافلاك ، في علم الهيئة ، وشرح الاسرار للسهروردي ، ورسالة في بيان الحاجة إلى الطب والاطباء ووصاياهم ، وغير ذلك.
راجع بغية الوعاة ٣٨٩ والدرر الكامنة ٤ : ٣٣٩ ومفتاح السعادة ١ : ١٦٤.