[قال (ومرجع المعدنيات إلى الأبخرة والأدخنة)
وتكون البعض بالتصعيد كالنوشادر والملح ظاهر].
فإنها إذا لم تكن كثيرة قوية بحيث تفجر الأرض فتخرج عيونا أو زلازل ، بل ضعيفة تحتبس في باطن الأرض ، وتمتزج بالقوى المودعة في الأجسام التي هناك على ضروب مختلفة ، فقد تفسد تلك الأجسام لقبول قوى أخرى ، وصور تكون بها أنواعا هي الجواهر المعدنية ، ويختص كل نوع ببقعة لمناسبة له معها ، فإذا زرع في بقعة أخرى لم يتولد منه شيء ، لأن القوة المولدة له ، إنما هي في تلك الأرض ، ولا خفاء في أن بعضها مما يتولد بالصنعة بتهيئة المواد ، وتكميل الاستعداد كالنوشادر والملح ، ولا في أن مثل الذهب والفضة واللؤلؤ وكثير من الأحجار قد يعمل له شبه ، يعسر التمييز بينه وبين ذلك الجوهر في بادئ النظر ، وإنما الكلام في عمل حقيقة ذلك الجوهر.
[قال (واتفقوا)
على زوال صور المواد المركبة كالزئبق والكبريت عند تكون الذهب ، لكونها تابعة للمزاج المنعدم (١) عند تصغر الأجزاء جدا ، ولهذا لا يكون حجم الذهب ووزنه ، بين حجم الزئبق والكبريت ووزنيهما ، كما هو حكم المركبات الباقية على صور أجزائها].
يريد أن المزاج الثاني ليس كالأول في بقاء الأجزاء. أعني البسائط العنصرية على صورها النوعية ، بل المواد المركبة ، كالزئبق (٢) والكبريت المتكون منهما
__________________
ـ صح هذا يمكن تفسيره بأن اللؤلؤ شديد التأثير بالجوامض حتى الضعيفة فإن ازدردته الدجاج أثرت عليه حوامض معدتها فأخذت من سطحه طبقة فعاد إليه لمعانه. وقد اشتهرت اللآلئ الصغيرة في طب العرب وغيرهم من الأقدمين ، وقد بطل الآن استعمالها فأوصى الأقدمون باختيار الأبيض الزاهي الشفاف النقي منها وقالوا إذا تحول اللؤلؤ إلى مسحوق فإنه يعطي بمقدار من ٧ قمحات إلى نصف درهم فيكون مقويا للقلب ومضادا للسم وغير ذلك ، ولا سيما القلويات ، والاسهال ، والأنزفة ونحوها.
ويدخل في معجون القرمز ، ومسحوق الورد الأحمر مع أنه في الحقيقة ماص فقط ، عادم الطعم.
(١) في (ب) المتقدم بدلا من (المنعدم)
(٢) سبق الحديث عن الزئبق أنواعه وخواصه في كلمة وافية فليرجع إليها.