يدفع غير الملائم ، لما حصل الاغتذاء على ما ينبغي ، ويدل على الهاضمة : تغير الغذاء في المعدة ، وظهور طعم الحموضة (١) في الأحشاء ، ثم تمام الاستحالة ، ثم تبدل الصورة إلى صورة الأخلاط.
وأما الثاني : وهو بيان تغاير هذه القوى فمبني على ما تقرر عندهم من استحالة صدور الأفعال المختلفة عن قمة واحدة طبيعية. ولهذا ترى بعض الأعضاء ضعيفا في بعض هذه الأفعال ، وقويا في الباقي ، ولا يخفي أنه لا يدل على تعدد القوى بالذات ، لجواز أن يكون الاختلاف عائدا إلى اختلاف الآلات ، والاستعدادات.
[قال (وتوجد الأربع)
في كل عضو وقد يتضاعف في البعض].
يعني الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة في كل عضو لأنه يفتقر في البقاء إلى الاغتذاء المفتقر إلى الأفعال المستندة إلى القوى الأربع ، وقد يتضاعف في بعض الأعضاء. أعني التي هي آلات الغذاء كالمعدة ، فإن فيها جاذبة للغذاء من الفم ، وماسكة له فيها ، ومغيرة إلى ما يصلح أن يصير دما في الكبد ، ودافعة للفضلات إلى الأمعاء ، ثم جاذبة للدم الذي يصير غذاء لجوهر المعدة كسائر الأعضاء ، وماسكة له ريثما يغير إلى مشاكلة جوهر المعدة ، وهاضمة تفعل ذلك ، ودافعة لما يخالط ذلك من غير الملائم وكذا الكبد والعروق.
[قال (ولا حصر لمراتب الهضم)
إلا أنها تجعل أربعا إلى الأعضاء وظهور التغيرات. أولها : المعدة (٢)
__________________
(١) الحموضة : طعم الحامض ، وقد حمض الشيء بالضم ، وحمض الشيء أيضا بالفتح يحمض حموضة وحمضا أيضا ، وقولهم فلان حامض الرئتين أي مر النفس.
والحمض : ما ملح وأمر من النبات ، والحمضة : الشهوة للشيء وفي حديث الزهري «الاذن محاجة وللنفس حمضة» وإنما أخذت من شهوة الإبل للحمض لانها إذا ملت الخلة اشتهت الحمضة فتحول إليه والتحميض : الاقلال من الشيء يقال : حمض لنا فلان في القرى أي قلّل ، وأما قول الاعلب العجلي : لا يحسن التحميض إلا سردا فإنه يريد التفخيذ
(٢) المعدة : كيس عضلي يقع في الجانب الايسر من التجويف البطني تحت الحجاب الحاجز ، وتكون المعدة مزودة بحلقات عضلية قوية تعمل كصمامات لتنظيم مرور الطعام ، وتوجد هذه الحلقات عند ـ