يسبق إلى بعض الأوهام ، من أن أول الهضوم في الفم. والثاني في المعدة ، والثالث في الكبد ، والرابع في العروق ، خطا لما (١) هو العمدة ، والغاية في الهضم. أعني التغيير إلى جوهر هذا (٢) العضو عن درجة الاعتبار ، وأما جعل الهضم الكبدي واحدا ، مع أن ابتداءه في الماساريقا.
أعني العروق الدقيقة الصلبة الواصلة بين الكبد ، وبين أواخر المعدة ، وجميع الأمعاء ، وليس لها اتحاد بالكبد ، فلأنه لا نظير فيها للطيف الكيلوس المنجذب إليها تغير يعتد به ، وحالة متميزة عن الكيلوسية ، التي حصلت في المعدة ، والخلطية التي تحصل في الكبد ، ثم لكل من هذه الهضوم ، فضل تندفع. ضرورة أن الهاضمة لا يمكنها إحالة جميع ما يرد إليها من الغذاء ، إما لكثرته ، وإما لأن من أجزائه ما لا يصلح أن يصير جزءا من المغتذي ، فالهضم الأول له فضل كثير ، لأنه يفعل في الغذاء ، وهو باق على طبيعته وأجزائه الصالحة وغير الصالحة ، وعلى كثرته (٣) الواردة على المعدة ، باختيار من الحيوان ، سيما الإنسان المفتقر باعتدال مزاجه إلى تنويع الأغذية وتكثيرها بالتركيب وغيره ، لا بمجرد انجذاب طبيعي للنافع وحده ، كما في باقي الهضوم (٤) ، وكما في غذاء النبات ، فلذا احتاج إلى منفذ يسع كثرة الفضلات وهو المخرج ، والهضم الثاني تكون فضلاته قليلة لطيفة ، لأن الغذاء يرد إليه بجذب طبيعي ، ومن منافذ ضيقة جدا ، فيخرج أكثرها بالبول ، والباقي من طريق الطحال والمرارة. وأما الهضم الثالث والرابع ، فاندفاع فضولهما إما أن يكون خروجا (٥) طبيعيا أو لا ، والثاني إما أن يكون باقيا على خلطيته من غير
__________________
(١) في (أ) خطا وفي (ب) خطا
(٢) سقط من (أ) لفظ (هذا)
(٣) سقط من (ب) جملة (وعلى كثرته الواردة على المعدة)
(٤) في (ب) الهضم بدلا من (الهضوم)
(٥) لا تشكل عملية الإخراج في النباتات مشكلة هامة بالنسبة لها ويعود ذلك لعدة أسباب منها :
١ ـ أن معدل عمليات الهدم في النبات أقل مما هو عليه في الحيوانات لذلك تتجمع المواد الإخراجية ببطء في النباتات ٢ ـ تعيد النباتات الخضراء استخدام الفضلات الإخراجية لعمليات الهدم في عمليات البناء فالماء ، وثاني أكسيد الكربون الناتجة من عمليات التنفس تستخدم ثانية في عملية التركيب الضوئي ، وكذلك الحال بالنسبة للفضلات النيتروجينية التي يمكن الاستفادة منها في بناء البروتينات.