يتولد الضحك ، والخجل ، والبكاء ، ونحوها ، ونسبة الى الحواس الباطنة ، وهي استعمالها كما (١) في استخراج أمور مصلحة وصناعات وغيرها ، ونسبة الى القوة النظرية. وهي أن أفاعيله. أعني أعماله الاختيارية تنبعث عن آراء جزئية ، تستند الى آراء كلية ، تستنبط من مقدمات أولية ، أو تجريبية ، أو ذائعة ، أو ظنية ، تحكم بها القوة النظرية ، مثلا يستنبط من قولنا : بذل الدرهم جميل ، والفعل الجميل ينبغي أن يصدر عنا ، إن بذل الدرهم ينبغي أن يصدر عنا ، ثم تحكم بأن هذا الدرهم ينبغي أن أبذله لهذا المستحق ، فينبعث من ذلك شوق وإرادة الى بذله ، فتقدم القوة المحركة (٢) على دفعه الى المستحق.
[قال (ويتفرع على النظري) :
الحكمة النظرية المفسرة بمعرفة الأشياء كما هي بقدر الطاقة البشرية ، وعلى العملي. الحكمة العملية المفسرة بالقيام بالأمور على ما ينبغي بقدرها. فمن هاهنا يقال : إن الحكمة هي خروج النفس من القوة الى الفعل في كمالها الممكن ، وأن الفقه اسم للعلم والعمل جميعا (٣) وقد يقال : الحكمة العملية لمعرفة الأمور المتعلقة باختيارنا ، وتخص النظرية بما ليس كذلك. فإن تعلقت بما يستغنى عن المادة ذهنيا ، وخارجا فما بعد الطبيعة. أو ذهنا فقط. فالرياضي ، أو يحتاج فيهما ، فالطبيعي ، والعملية إن تعلقت بإصلاح الشخص فتهذيب الأخلاق أو المشاركين في المنزل ، فتدبير المنزل ، أو المدنية ، فسياسة المدن الفاضلة ، اعتدال القوة الشهوية ، وهي العفة والغضبية ، وهي الشجاعة والنطقية ، وهي الحكمة ومجموعها العدالة ، ولكل طرف إفراط وتفريط هما رذيلة ، فللعفة الخمود والفجور ، وللشجاعة التهور والجبن ، وللحكمة الجربزة والغباوة].
__________________
(١) سقط من (أ) حرف (كما)
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (المحركة)
(٣) هذه التعريفات خاصة بعلماء الكلام وإلا فإن للحكمة تعريفات عدة عند علماء اللغة ، وكذلك الفقه. وفي كتاب الله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) ويقول الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»