ذلك مما هو من قبيل الأعراض في الواقع ، وإن كان هو يسميها جواهر بل أجساما ، فيوافق النجار في المعنى ، ويخالف القوم ، إلا أن الاحتجاج عليهما بأن العرض لا يقوم بذاته ، بل لا بد من الانتهاء إلى جوهر يقومه ، ولهما بأن الجواهر متماثلة ، والأجسام مختلفة ، فلا تكون جواهر ، ربما لا ينتظم على رأي النظام ، حيث يزعم أن كلّا من تلك الأمور كالسواد مثلا جسم مؤلف من جواهر متماثلة في نفسها ، قائمة بذواتها ، وإن لم تكن مماثلة للجواهر الأخر ، كالحلاوة ، أو الحرارة مثلا ، وبهذا يظهر أن الاحتجاج بأن الأجسام باقية والأعراض غير باقية. لا ينتهض عليه مع أن بفاء الأجسام غير مسلم لديه.
وأما الجواب بمنع تماثل الجواهر فجدلي فلا يتأتى على مذهب المانعين ، حتى لو قصد الإلزام تم المرام ، والأقرب منع اختلاف الأجسام بحسب الذات ، بل بحسب العوارض المستندة إلى إرادة القادر المختار ، والاختلاف إنما هو مذهب النظام ، وحينئذ يندفع ما ذكر في المواقف من أنه لا محيص لمن يقول بتجانس (١) الجواهر عن أن يجعل جملة من الأعراض داخلة في حقيقة الجسم ، ليكون الاختلاف عائدا إليها ، ولا أدري كيف ذهل عما في هذا المخلص من الوقوع في ورطة أخرى ..؟ هي عدم بقاء الأجسام ضرورة انتفاء الكل بانتفاء الجزء ، الذي هو جملة الأعراض الغير (٢) الباقية باعتراف هذا القائل ، وقد أشار إليه في تنوير اختلاف الجواهر بذواتها بقوله : ولذلك اختلف (٣) أن الأعراض لا تبقى (٤) ، والجواهر باقية يعني لو لم تكن الجواهر مختلفة بذواتها كما كانت الأجسام المختلفة محض الجواهر المجتمعة ، بل مع جملة من الأعراض ، وحينئذ يلزم عدم بقائها لعدم بقاء الأعراض ، ولا يخفى أنه كان الأنسب أن يقول : والأجسام باقية ، إلا إن أراد بالجواهر ما يعم الجوهر الفرد ، والجسم (٥) الذي هو مجموع جواهر مجتمعة.
__________________
(١) في (ب) بتماس بدلا من (بتجانس)
(٢) سقط من (ب) لفظ (الغير)
(٣) سقط من (ب) (اختلف)
(٤) سقط من (ب) (لا تبقى)
(٥) في (ب) الجواهر بدلا من (الجسم)