للأخرى ، ووجوب تقدم الصورة على الهيولي من حيث هي صورة ما ، وتأخرها عنها من حيث هي صورة مشخصة على وجه يندفع عنه ما سنح عليه (١) من الإشكالات عسر جدا ، والمتأخرون قد بذلوا فيه المجهود ، وبلغوا مداه ، ولو علمنا فيه خيرا لأوردناه.
[قال (الخامس)
إن اختلاف الأجسام في الآثار ليست للجسمية المشتركة ، بل لأمر مختص غير عارض دفعا للتسلسل ، وهو الصورة النوعية ، ونوقض باختلاف الصورة ، فإن التزم بقاءها لا إلى نهاية ، أو استناد اختلافها إلى اختلاف الاستعدادات التزمنا مثله في العوارض. وقد يقال إن مبادي آثار الأجسام أمور بها تنوعها وتحصلها ، فلا يكون إلا جوهر مقومه ، وحاصله أنا نقطع باختلاف حقيقتي الماء والنار مثلا ، مع الاشتراك في المادة والصورة الجسمية ، فلا بدّ من الاختلاف بمقوم جوهري ، نسميه الصورة النوعية ، ومبناه على امتناع تقوم الجسم بعرض قائم بجزئيه (٢) ، أو بجوهر غير حال في مادته].
من تفاريع القول بالهيولى والصورة إثبات صور نوعية ، هي مبادي اختلاف الأنواع بالآثار ، وبيانه أنه لا خفاء في أن للأجسام آثارا مختلفة (٣) كقبول الانفكاك والالتئام بسهولة كما في الماء أو بعسر كما في الأرض ، أو امتناع عن ذلك كما في الفلك ، وكالاختصاص بما لها بحسب طبعها من الأشكال والأمكنة والأوضاع ، وليس ذلك بمجرد الجسمية المشتركة ولا الهيولي القابلة وهو ظاهر ، ولا بأمر مفارق لتساوي نسبته إلى جميع الأجسام ، ولأن الكلام في آثار الأجسام فيلزم الخلف ، فتعين أن تكون بأمور مختصة مقارنة ، ويجب أن تكون صورا لا أعراضا ، لأنا ننقل الكلام إلى أسباب تلك الأعراض فيتسلسل ، ولأن تنوع الأجسام وتحصلها موقوف على الاتصاف بتلك الأمور ، ومن المحال تقوم الجوهر بالعرض.
__________________
(١) سقط من (ب) جملة (ما سنح عليه)
(٢) في (أ) بجزئه بدلا من (بجزئيه)
(٣) سقط من (ب) لفظ (مختلفة)