(ه) ومنه حديث بعض الصحابة «أنه مرّ بأنصارىّ يغرس نخلا ، فقال : يا ابن أخى ، إن بلغك أنّ الدجّال قد خرج فلا يمنعنك من أن تَلْبَأَها» أى لا يمنعنّك خروجه عن غرسها وسقيها أوّل سقية ؛ مأخوذ من اللِّبَأ.
(لبب) (ه) فى حديث الإهلال بالحج «لَبَّيْك اللهمّ لَبَّيْك» هو من التَّلْبِية ، وهى إجابة المنادى : أى إجابتى لك يا ربّ ، وهو مأخوذ من لَبَ بالمكان وأَلَبَ [به](١) إذا أقام به ، وأَلَبَ على كذا ، إذا لم يفارقه ، ولم يستعمل إلّا على لفظ التّثنية فى معنى التكرير : أى إجابة بعد إجابة.
وهو منصوب على المصدر بعامل لا يظهر ، كأنك قلت : أُلِبُ إِلْبَاباً بعد إِلْباب. والتَّلْبِية من لَبَّيْك كالتّهليل من لا إله إلا الله.
وقيل : معناه اتّجاهى وقصدى يا ربّ إليك ، من قولهم : دارى تَلُبُ دارك : أى تواجهها.
وقيل : معناه إخلاصى لك ، من قولهم : حسب لُبَاب ، إذا كان خالصا محضا. ومنه لُبُ الطعام ولُبَابُه (٢).
(س) ومنه حديث علقمة «أنه قال للأسود : يا أبا عمرو ، قال : لَبَّيْك ، قال : لَبَّيْ يديك» قال الخطّابى : معناه سلمت يداك وصحّتا. وإنما ترك الإعراب فى قوله «يديك» ، وكان حقّه أن يقول «يداك» لتزدوج يديك بلَبَّيْك.
وقال الزمخشرى : «فمعنى لَبَّيْ يديك : أى أطيعك ، وأتصرّف بإرادتك ، وأكون كالشىء الذى تصرّفه بيديك كيف شئت».
(ه) وفيه «إنّ الله منع منّى بنى مدلج ؛ لصلتهم (٣) الرّحم ، وطعنهم فى أَلْبَاب الإبل»
__________________
(١) زيادة من الهروى.
(٢) زاد الهروى من معانيها ، قال : «والثالث : محبّتى لك يا ربّ. من قول العرب : امرأة لبّة ، إذا كانت محبّة لولدها عاطفة عليه. ومنه قول الشاعر :
* وكنتم كامّ لبة ظمن ابنها *
(٣) رواية الهروى : «إن الله منع من بنى مدلج بصلتهم ...».