ومنه حديث أميّة بن خلف «لمّا رآهم يوم بدر يقتلون قال : أما لكم حاجة فى اللُّبَّن؟» أى تأسرون فتأخذون فداءهم إبلا ، لها لَبَن.
(س) ومنه الحديث «سيهلك من أمّتى أهل الكتاب وأهل اللَّبَن ، فسئل : من أهل اللَّبَن؟ فقال : قوم يتّبعون الشّهوات ، ويضيّعون الصلوات» قال الحربى : أظنه أراد : يتباعدون عن الأمصار وعن صلاة الجماعة ، ويطلبون مواضع اللَّبن فى المراعى والبوادى. وأراد بأهل الكتاب قوما يتعلّمون الكتاب ليجادلوا به الناس.
وفى حديث عبد الملك «ولد له ولد فقيل له : اسقه لَبَنَ اللَّبَنِ» هو أن يسقى ظئره (١) اللَّبن ، فيكون ما يشربه الولد لَبَناً متولّدا عن اللَّبن.
(ه) وفى حديث خديجة «أنها بكت ، فقال لها : ما يبكيك؟ فقالت : درّت لَبَنَةُ القاسم فذكرته» وفى رواية (٢) «لُبَيْنَة القاسم ، فقال : أوما ترضين أن تكفله سارّة فى الجنة» اللَّبَنَة : الطّائفة القليلة من اللَّبَن ، واللُّبَيْنَة : تصغيرها.
(س) وفى حديث الزكاة ذكر «بنت اللَّبُون ، وابن اللَّبُون» وهما من الإبل ما أتى عليه سنتان ودخل فى الثالثة ، فصارت أمّه لَبُونا ، أى ذات لَبَن ؛ لأنّهما تكون قد حملت حملا آخر ووضعته.
وقد جاء فى كثير من الرّوايات «ابن لَبُون ذكر» وقد علم أن ابن اللَّبون لا يكون إلّا ذكرا ، وإنما ذكره تأكيدا ، كقوله «ورجب مضر ، الذى بين جمادى وشعبان» وقوله تعالى «تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ».
وقيل : ذكر ذلك تنبيها لربّ المال وعامل الزّكاة ؛ فقال «ابن لَبُون ذكر» لتطيب نفس ربّ المال بالزيادة المأخوذة منه إذا علم أنه قد شرع له من الحقّ ، وأسقط عنه ما كان بإزائه من فضل الأنوثة فى الفريضة الواجبة عليه ، وليعلم العامل أن سنّ الزكاة فى هذا
__________________
(١) فى ا : «هو أن تسقى ظئره».
(٢) وهى رواية الهروى. وفيه : «للقاسم».