(س) وفى حديث أنس «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يتوضأ بمَكُّوكٍ ، ويغتسل بخمسة مَكاكِيكَ» وفى رواية «بخمسة مَكاكى» أراد بالمَكُّوك المدّ.
وقيل : الصاع. والأوّل أشبه ، لأنه جاء فى حديث آخر مفسّرا بالمدّ.
والمَكاكى : جمع مَكُّوكٍ ، على إبدال الياء من الكاف الأخيرة.
والمكُّوك : اسم للمكيال ، ويختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه فى البلاد.
(س) ومنه حديث ابن عباس «فى تفسير قوله تعالى : (صُواعَ الْمَلِكِ) قال : كهيئة المكُّوك» وكان للعباس مثله فى الجاهلية ، يشرب به.
(مكن) (ه) فيه «أقرّوا الطير على مَكِنَاتِها» المَكِنَاتُ (١) فى الأصل : بيض الضّباب ، واحدتها : مَكِنَةٌ ، بكسر الكاف ، وقد تفتح. يقال : مَكِنَت الضّبّة ، وأَمْكَنَت.
قال أبو عبيد : جائز فى الكلام أن يستعار مَكْنُ الضّباب فيجعل للطير ، كما قيل : مشافر الحبش ، وإنما المشافر للإبل.
وقيل : المَكِناتُ : بمعنى الأَمْكِنة. يقال : الناس على مَكِناتِهِم وسكناتهم : أى على أَمْكِنَتِهم ومساكنهم.
ومعناه أن الرجل فى الجاهلية كان إذا أراد حاجة أتى طيرا ساقطا ، أو فى وكره فنفّره ، فإن طار ذات اليمين مضى لحاجته. وإن طار ذات الشّمال رجع ، فنهوا عن ذلك. أى لا تزجروها ، وأقرّوها على مواضعها التى جعلها الله لها ، فإنها لا تضرّ ولا تنفع.
وقيل (٢) : المَكِنَةُ : من التَّمَكُّن ، كالطّلبة والتّبعة ، من التّطلّب والتّتبّع. يقال : إنّ فلانا لذو مكنة من السلطان : أى ذو تَمَكُّنٍ. يعنى أقرّوها على كلّ مَكِنةٍ ترونها عليها ، ودعوا التّطيّر بها.
وقال الزمخشرى : يروى (٣) «مُكُناتِها» ، جمع مُكُنٍ ، ومُكُنٌ : جمع مَكانٍ ، كصعدات فى صعد ، وحمرات ، فى حمر.
__________________
(١) هذا شرح أبى عبيد ، كما ذكر الهروى.
(٢) القائل هو شمر ، كما فى الهروى.
(٣) انظر الفائق ٣ / ٤٢