فأعطين ولا تجعليه بنكد
فاقبلت فاطمة عليهاالسلام وهي تقول :
لم يبق مما كان غير صاع |
|
قد دبرت كفي مع الذراع |
شبلاي والله هما جياع |
|
يا رب لا تتركهما ضياع |
أبو هما للخير ذو اصطناع |
|
عبل الذراعين طويل الباع |
وما على رأسي من قناع |
|
إلا عباء نسجها بصاع |
وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء، قال شعيب في حديثه : وأقبل علي عليهالسلام بالحسن والحسين عليهماالسلام نحو رسول الله صلىاللهعليهوآله وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر بهم رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «يا أبا الحسن أشد ما يسؤني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة عليهاالسلام» فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها رسول الله صلىاللهعليهوآله ضمها إليه وقال : «وا غوثاه بالله أنتم منذ ثلاث فيما أرى» فهبط جبرائيل عليهالسلام : فقال : «يا محمد خذ ما هيأ لك في أهل بيتك» فقال : «وما آخذ يا جبرائيل؟ قال : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) حتى بلغ (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً).
وقال الحسن بن مهران في حديثه فوثب النبي صلىاللهعليهوآله حتى دخل منزل فاطمة عليهاالسلام فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي وقال : «أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم» فهبط جبرائيل بهذه الآيات (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) قال : هي عين في دار النبي صلىاللهعليهوآله تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهما فضة (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) عابسا كلوحا (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) يقول على شهوتهم : الطعام وايثارهم له مسكينا من مساكين المسلمين ، ويتيما من يتامى المسلمين ، وأسيرا من أسارى المشركين ويقولون : إذا اطعموهم (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) قال : والله ما قالوا اهذا لهم ولكنهم اضمروه في أنفسهم فأخبر الله باضمارهم يقولون (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً) تكافوننا به (وَلا شُكُوراً) تثنون علينا به ولكنا إنما اطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله تعالى ذكره : (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) نضرة في الوجوه ، وسرورا في القلوب (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) جنة يسكنونها وحريرا يفرشونه ويكسونه (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) والأريكة السرير عليه الحجلة