الباب الثاني والثمانون ومائة
في قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)
من طريق الخاصّة وفيه سبعة أحاديث
الأوّل : محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمّد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ فيك شبها من عيسى بن مريم ولو لا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال : فغضب الأعرابيّان والمغيرة بن شعبة وعدّة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمّه مثلا إلّا عيسى بن مريم ؛ فأنزل الله على نبيّه صلىاللهعليهوآله فقال : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ* وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ* إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ* وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) ـ يعني من بني هاشم ـ (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) قال : فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال : اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك إنّ بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل ، فامطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت عليه هذه الآية : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ثمّ قال له : يا بن عمرو امّا تبت وامّا رحلت فقال : يا محمّد تجعل لسائر قريش ممّا في يدك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ليس ذلك إلي ذلك إلى الله تبارك وتعالى ، فقال : يا محمّد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن أرحل عنك ، فدعا براحلته فركبها فلمّا صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضخت هامته ، ثمّ أتى الوحي إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) قال : قلت : جعلت فداك إنّا لا نقرأها هكذا فقال : هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمّد صلىاللهعليهوآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة عليهاالسلام فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لمن حوله من المنافقين : انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به ، قال اللهعزوجل : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (١).
__________________
(١) الكافي : ٨ / ٥٨ ح ١٨.