الباب الثامن والعشرون ومائتان
في قوله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ
الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا)
من طريق الخاصّة وفيه سبعة أحاديث
الأوّل : العيّاشي بإسناده عن جابر بن أرقم قال : بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدّثنا إذ أقبل رجل على فرسه عليه هيئة السفر فسلّم علينا ثمّ وقف فقال : أفيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد : أنا زيد بن أرقم فما تريد ، فقال الرجل : أتدري من أين جئت؟ قال : لا ، قال : من فسطاط مضر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له زيد : وما هو؟ قال : حديث غدير خمّ في ولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال : يا ابن أخي إنّ قبل غدير خمّ ما احدّثك به إنّ جبرئيل الروح الأمين صلوات الله عليه نزل على رسول الله صلىاللهعليهوآله بولاية عليّ بن أبي طالب فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم فلم ندر ما نقول وبكى صلىاللهعليهوآله فقال له جبرئيل : ما لك يا محمّد أجزعت من أمر الله؟ فقال : كلّا يا جبرئيل ولكن قد علم ربّي ما لقيت من قريش إذ لم يقرّوا إليّ بالرسالة حتّى أمرني بجهادي وأهبط إليّ جنودا من السماء فنصروني فكيف يقرّوا إليّ لعليّ من بعدي فانصرف عنه جبرئيل عليهالسلام ثمّ نزل عليه (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) فلمّا نزلنا الجحفة راجعين وضربنا أخبيتنا نزل جبرائيل بهذه الآية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو ينادي : يا أيّها الناس أجيبوا داعي الله أنا رسول الله ، فأتينا مسرعين في شدّة الحرّ فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدميه من الحرّ وأمر بقم ما تحت الدّوح ، فقمّ ما كان ثمّة من الشوك والحجارة ، فقال رجل : ما دعاه إلى قمّ هذا المكان وهو يريد أن يرحل من ساعته ليأتينّكم اليوم بداهية ، فلمّا فرغوا من القم أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يؤتى بأحلاس دوابنا وأذوات الماء وجفاتها (١) فوضعنا بعضها على بعض ثمّ ألقينا عليها ثوبا وصعد عليها رسول الله صلىاللهعليهوآله فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أيّها الناس إنّه نزل عليّ عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا مخافة تكذيب أهل
__________________
(١) في المصدر : بأحلاس دوابنا وأثاث إبلنا وحقائبها.