الباب التاسع والسّتون ومائة
في قوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ)
من طريق العامّة وفيه أربعة أحاديث
الأوّل : الحافظ منصور بن شهردار بن شيرويه بإسناده إلى ابن عبّاس قال : لمّا قتل عليّعليهالسلام عمروا ودخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله وسيفه يقطر دما فلمّا رآه النبي كبّر وكبّر المسلمون وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : اللهم أعط عليّا فضيلة لم تعطها أحدا قبله ولم تعطيها أحدا بعده قال : فهبط جبرائيل عليهالسلام ومعه من الجنّة اترجة فقال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله عزوجل يقرأ عليك السلام ويقول لك حيّ بهذه عليّ بن أبي طالب قال : فدفعها إلى عليّ عليهالسلام فانفلقت في يده فلقتين فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة : تحفة من الطالب الغالب إلى عليّ بن أبي طالب (١).
الثاني : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال : وجدنا في السير والأخبار من إشفاق رسول الله صلىاللهعليهوآله وحذره على أمير المؤمنين عليهالسلام ودعائه له بالحفظ والسلامة قال صلىاللهعليهوآله يوم الخندق وقد برز عليّ إلى عمرو ورفع يديه إلى السماء بمحضر من أصحابه : اللهمّ إنّك أخذت منّي حمزة يوم أحد وعبيدة يوم بدر فاحفظ اليوم على عليّا ربّ لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ؛ ولذلك ظنّ به عن مبارزة عمرو حين دعا عمرو الناس إلى نفسه مرارا يحجمون ويقدم عليّ ، فسأل الإذن له في البراز حتّى قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّه عمرو ، فقال: وأنا عليّ ، فأدناه وقبّله وعمّمه بعمامة وخرج معه خطوات كالمودّع له القلق لحاله المنتظر لما يكون منه ، ثمّ لم يزل صلىاللهعليهوآله رافعا يديه إلى السماء مستقبلا لها بوجهه والمسلمون صموت حوله كانّما على رءوسهم الطير ، حتّى ثارت الغبرة وسمع التكبير من تحتها فعلموا أنّ عليّا قتل عمروا فكبّر رسول الله صلىاللهعليهوآله وكبّر المسلمون بتكبيرة سمعها من وراء الخندق من عساكر المشركين ؛ وكذلك قال حذيفة ابن اليمان : لو قبلت فضيلة عليّ بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لو سعتهم. قال ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بعليّ بن أبي طالب (٢).
الثالث : أبو نعيم الأصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في عليّ عن مرّة عن عنبسة أنّه كان
__________________
(١) مناقب الخوارزمي : ١٧١ ح ٢٠٤.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٨٤.