الباب الثامن عشر والمائة
قوله تعالى (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) إلى (الْمَعارِجِ)
من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث
الأول : محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فقال رسول الله : إنّ صلىاللهعليهوآله فيك شبها من عيسى ابن مريم ، لو لا أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة ، قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدّة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلّا عيسى ابن مريم فأنزل الله (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (١) فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٢) ثم قال : يا ابن عمرو أما تبت وأما رحلت؟ فقال : يا محمد اجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله ، ليس ذلك إليّ ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى ، فقال : يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ، ولكن أرحل عنك فدعا براحلته فركبها فلمّا صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضّت (٣) هامته ثم أتى الوحي إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ) ـ بولاية علي ـ (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) (٤).
قال : قلت : جعلت فداك إنّا لا نقرأها هكذا ، فقال : هكذا والله نزل بها جبرائيل على محمد صلىاللهعليهوآله ، وهكذا والله أثبتت في مصحف فاطمة عليهاالسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لمن حوله من المنافقين :
__________________
(١) الزخرف : ٥٧ ، ٥٨ ، ٥٩ ، ٦٠.
(٢) الأنفال : ٣٣.
(٣) في المصدر : فرضخت ، وبهامشه كالأصل ، وفرضت أي دقّت ، وفرضخت : كسرت ، والجندلة ما يعمل من الحجارة والهامة وسط الرأس.
(٤) المعارج : ١ ، ٢ ، ٣.