الباب الثامن والسبعون ومائة
في قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)
من طريق الخاصّة وفيه حديثان
الأوّل : ابن شهرآشوب عن الباقر عليهالسلام : أنّها نزلت في ثلاثة لمّا قام النبيّ صلىاللهعليهوآله بالولاية لأمير المؤمنين عليهالسلام أظهروا الإيمان والرضا بذلك فلمّا خلوا بأعداء أمير المؤمنين قالوا : انّا معكم ، إنّما نحن مستهزءون (١).
الثاني : الإمام أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهالسلام في تفسيره في قوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) إلى قوله : (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) قال : قال موسى بن جعفرعليهماالسلام : وإذا لقوا هؤلاء الناكثون للبيعة المواظبون على مخالفة عليّ عليهالسلام ودفع الأمر عنه (الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) كإيمانكم إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذرّ وعمّار قالوا لهم آمنّا بمحمّد وسلّمنا له بيعة عليّ عليهالسلام وفضله وأنفدنا لأمر كما آمنتم أنّ أوّلهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربّما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا : هؤلاء أصحاب محمّد الساحر والأهوج يعنون محمّدا وعليّا عليهماالسلام ثمّ يقول بعضهم لبعض : احترزوا منهم لا يقفون من فلتات كلامكم على كفر محمّد صلىاللهعليهوآله فيما قاله في عليّ عليهالسلام فيقفو عليكم فيكون فيه هلاككم. فيقول أوّلهم : انظروا إليّ كيف أسخر منهم وأكفّ عاديتهم عنكم فإذا التقوا قال أوّلهم : مرحبا بسلمان ابن الإسلام الذي قال فيه محمّد سيّد الأنام لو كان الدين معلّقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس ، هذا أفضلهم يعينك وقال فيه : سلمان منّا أهل البيت ، فقرنه جبرئيل عليهالسلام الذي قال له يوم العباء لما قاله لرسول الله صلىاللهعليهوآله : وأنا منكم. فقال : وأنت منّا ، حتّى ارتقى جبرئيل إلى الملكوت الأعلى يفتخر على أهله ويقول : من مثلي بخ بخ وأنا من أهل بيت محمد صلىاللهعليهوآله ؛ ثمّ يقول للمقداد : ومرحبا بك يا مقداد أنت الذي قال فيك رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّعليهالسلام : يا عليّ المقداد أخوك في الدين وقد قدّ منك فكأنّه يعينك حبّا لك وبغضا على أعدائك وموالاة لأوليائك لكن ملائكة السموات والحجب أكثر حبّا لك منك لعليّ عليهالسلام وأشدّ بغضا على أعدائك منك على أعداء عليّ عليهالسلام فطوبا ثمّ طوبا ؛ ثمّ يقول لأبي ذرّ : مرحبا بك يا أبا ذرّ أنت قال فيك رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ ، قيل : بما ذا فضّله الله بهذا وشرّفه؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّه كان يفضّل
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١١٣ ـ ١١٤ بنحوه.