ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنه الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا ، فنحن روحه وكلماته ، فبنا احتجّ على خلقه ، فما زلنا في ظلّة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطوف ، نعبده ونقدّسه ونسبّحه وذلك قبل أن يخلق الخلق ، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا وذلك قول الله عزوجل (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) (١) يعني لتؤمنن بمحمد صلىاللهعليهوآله ولتنصرنّ وصيّه ، وسينصرونه جميعا ، وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد عليهالسلام بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمداصلىاللهعليهوآله وجاهدت بين يديه وقتلت عدوّه ووفيت لله بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد والنصر لمحمد صلىاللهعليهوآله ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله ، وذلك لما قبضهم الله إليه ، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها ، وليبعثن الله أحياء من آدم إلى محمد صلىاللهعليهوآله كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف هام الأموات والاحياء والثقلين جميعا ، فيا عجبا وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء يلبّون زمرة زمرة بالتلبية : لبيك لبيك يا داعي الله ، قد تخللوا بسكك الكوفة ، قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأولين والآخرين حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (٢) أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا من عبادي ليس عندهم تقية وإنّ لي الكرة بعد الكرة ، والرجعة بعد الرجعة ، وأنا صاحب الرجعات والكرات وصاحب الصولات والنقمات والدّولات العجيبات ، وأنا قرن من حديد وأنا عبد الله وأخو رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنا أمين الله وخازنه وعيبته سرّه وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه ، وأنا الحاشر إلى الله، وأنا كلمة الله التي يجمع بها المتفرق ويفرّق بها الجمع ، وأنا أسماء الله الحسنى وأمثاله العليا وآياته الكبرى ، وأنا صاحب الجنة والنار ، أسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، وإليّ تزويج أهل الجنة وإليّ عذاب أهل النار ، وإليّ إياب الخلق جميعا ، وأنا المآب الذي يئوب إليه كل شيء بعد القضاء ، وإليّ حساب الخلق جميعا ، وأنا صاحب الهبات ، وأنا المؤذن على الأعراف ، وأنا بارز الشمس ، وأنا دابة الأرض ، وأنا قسيم النار ، وأنا خازن الجنان ، وأنا صاحب الأعراف ، وأنا أمير المؤمنين ويعسوب المتقين وآية السابقين ولسان الناطقين وخاتم الوصيين ووارث النبيين وخليفة رب العالمين وصراط ربي المستقيم وفسطاسه والحجة على أهل السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما.
__________________
(١) آل عمران : ٨١.
(٢) النور : ٥٥.