بالوليد الفاسق ، وهذه الآية من الآيات التي نزل فيها القرآن بموافقة علي عليهالسلام. (١)
الخامس : ابن أبي الحديد قال : روى الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات قال : اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط وعتبة بن أبي سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة ، وقد كان بلغهم عن الحسن بن علي عليهماالسلام قوارص وبلغهم عنه مثل ذلك فقالوا : يا أمير المؤمنين إنّ الحسن قد أحيا أباه وذكره ، وقال فصدّق وأمر فأطيع ، وخفقت له النعال وإن ذلك لرافعه إلى ما هو أعظم منه ، ولا يزال يبلغنا عنه ما يسوؤنا.
قال معاوية : ما تريدون؟ قالوا : ابعث إليه فليحضر لنسبّه ونسبّ أباه ونعيّره ونوبّخه ، ونخبره أنّ أباه قتل عثمان ونقرره بذلك ، ولا يستطيع أن يغيّر علينا شيئا من ذلك.
قال معاوية : إني لا أرى ذلك ولا أفعله.
قالوا : عزمنا عليك يا أمير المؤمنين لتفعل ، فقال : ويحكم ، لا تفعلوا ، فو الله ما رأيته قطّ جالسا عندي إلّا خفت مقامه وعيبه لي ، قالوا : ابعث إليه على حال ، قال : إن بعثت إليه لأنصفنه منكم ، فقال عمرو بن العاص : أتخشى أن يأتي باطله على حقنا أو يربى قوله على قولنا؟
قال معاوية : أما إني إن بعثت إليه لآمرنّه أن يتكلم بلسانه كلّه ، قالوا : مره بذلك ، قال : أما إذ عصيتموني وبعثتم إليه وأبيتم إلّا ذلك فلا تمرضوا له في القول ، واعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ، ولا يلصق بهم العار ولكن اقذفوه بحجرة تقولون له : إنّ أباك قتل عثمان وكره خلافة الخلفاء من قبله.
فبعث إليه معاوية فجاءه رسوله فقال : إنّ أمير المؤمنين يدعوك قال : من عنده؟ فسمّاهم له ، فقال الحسن : ما لهم؟ خرّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ، ثم قال : يا جارية ابغيني ثيابي ، اللهم إنّي أعوذ بك من شرورهم ، وأدرأ بك كيدهم في نحورهم ، واستعين بك عليهم فاكفنيهم كيف شئت وأنّى شئت بحول منك وقوة يا أرحم الراحمين ، ثم قام ، فلمّا دخل على معاوية أعظمه وأكرمه وأجلسه إلى جانبه ثم ذكر الحديث وما جرى بين الحسن وبين القوم الفاسقين ، وما قالوا له وما ردّد عليهم إلى أن قال : وأما أنت يا وليد فو الله ما ألومك على بغض علي وقد جلدك ثمانين في الخمر ، وقتل أباك بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله صبرا ، وأنت الذي سمّاه الله الفاسق وسمّى عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقلت له : اسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا وأطول منك لسانا ، فقال لك علي : اسكت يا وليد فأنا مؤمن وأنت فاسق ، فأنزل الله تعالى في موافقة قوله
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٨٠.