اظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، وقيل : بما ذا فضله الله بهذا؟ وشرّفه؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنه كان يفضّل عليا عليهالسلام أخا رسول الله صلىاللهعليهوآله قوالا ، وله في كل الأحوال مدّاحا ، ولشانئيه وأعاديه شانئا ، ولأوليائه وأحبّائه مواليا ، وسوف يجعله الله عزوجل في الجنان من أفضل سكانها ويخدمه ما لا يعرف عدده إلّا الله من وصائفها وغلمانها وولدانها.
ثم يقول لعمار بن ياسر : أهلا وسهلا يا عمار ، نلت موالاة أخي رسول الله صلىاللهعليهوآله مع أنك وداع رأفة لا تزيد على المكتوبات والمسنونات من سائر العبادات ما لا يناله الكاد بدنه ليله ونهاره ، يعني الليل قياما والنهار صياما ، والباذل أمواله وإن كانت جميع أموال الدنيا له مرحبا بك، فقد رضيك رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي أخيه مصافيا ، وعنه مناوئا حتى أخبر أنك ستقتل في محبته ، وتحشر يوم القيامة في خيار زمرته ، وفّقني الله لمثل عملك وعمل أصحابك حتى ممن يوفر على خدمة رسول الله وأخي محمد علي ولي الله ، ومعاداة أعدائهما بالعداوة ، ومصافاة أوليائهما بالموالاة والمتابعة سوف يسعدنا الله يومنا هذا إذا التقينا بكم ، فيقبل سلمان وأصحابه ظاهرهم كما أمر الله تعالى ويجوزون عنهم ، فيقول الأول لأصحابه : كيف رأيتم سخري بهؤلاء وكيف عاديتهم عنّي وعنكم ، فيقولون له : لا تزال بخير ما عشت لنا ، فيقول لهم فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا ، فإنّ اللبيب العاقل من تجرع على الغصة حتى ينال الفرصة ، ثم يعودون إلى إخوانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما أدّاه إليهم عن الله عزوجل من ذكر تفضيل أمير المؤمنين عليهالسلام وتنصيبه إماما على كافة المكلفين.
قالوا لهم : إنا معكم إنما نحن على ما واطأناكم عليه من دفع علي عن هذا الأمر ، إن كانت لمحمد كائنة فلا يغرنّكم ولا يهولنّكم ما تستمعونه منا من تقريظهم وترونا نجتري من مداراتهم، فإنما نحن مستهزءون بهم ، فقال الله عزوجل : يا محمد الله يستهزئ بهم ويجازيهم جزاء استهزائهم في الدّنيا والآخرة ، ويمدّهم في طغيانهم يعمهون ، يمهلهم ويتأنى بهم برفق ، ويدعوهم إلى التوبة ، ويعدهم إذا تابوا المغفرة وهم ، يعمهون يعمهون ، لا ينزعون عن قبيح ولا يتركون أذى لمحمد وعليّ يمكنهم إيصاله إليهما إلّا بلغوه. (١)
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري ١٢٠ ـ ١٢٣ / ح ٦٣.