بِما يَقُولُونَ) فإنّهم لا يكذّبونك ، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ، لكنّهم يجحدون بغير حجّة لهم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يتألّفهم ويستعين ببعضهم على بعض ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيّه ، حتّى نزلت هذه السورة فاحتجّ عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه فقال الله عزّ ذكره: (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ* وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) يقول فإذا فرغت فانصب علمك واعلن وصيّك فاعلمهم فضله علانية.
فقال عليهالسلام : «من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلاث مرّات» ، ثمّ قال : «لأبعثنّ رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ليس بفرّار يعرض بمن رجع ويجبن أصحابه ويجبنونه» وقال صلىاللهعليهوآله : «عليّ سيّد المؤمنين» ، وقال : «عليّ عمود الدين» ، وقال : «هذا الذي يضرب الناس بالسيف على الحقّ بعدي» ، وقال : «الحقّ مع عليّ أينما مال» ، وقال : «إنّي تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا كتاب الله عزوجل وأهل بيتي عترتي يا أيّها الناس اسمعوا لقد بلغت انّكم ستردون عليّ الحوض فأسألكم عمّا فعلتم في الثقلين الثقلان كتاب الله جلّ ذكره وأهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم» ، فوقعت الحجّة بقول النبيّ صلىاللهعليهوآله وبالكتاب الذي يقرأه الناس ، فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبيّن لهم بالقرآن (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وقال عزّ ذكره: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) ثمّ قال جلّ ذكره: (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) وكان عليّ عليهالسلام فكان حقّه الوصيّة التي جعلت له ، والاسم الأكبر ، وميراث العلم ، وآثار علم النبوّة.
وقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ثمّ قال : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) يقول : أسألكم عن المودّة التي نزلت عليكم فضلها ـ مودّة القربى ـ بأيّ ذنب قتلتموهم ، وقال جلّ ذكره : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال الكتاب الذكر ، وأهله آل محمّد عليهمالسلام وأمر الله عزوجل بسؤالهم ولم يأمر بسؤال الجهّال ، وسمّى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وقال عزوجل : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) وقال عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وقال عزوجل : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) فردّ أمر الناس إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرّدّ إليهم ؛ فلمّا رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله من حجّة الوداع نزل عليه جبرئيل وقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم