وموسى نبيّ يوحى الله إليه حيث لقنه واستنطقه وعرفه بالعلم ، بل أقرّ له بعلمه ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، علمنا ما ورثنا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم وسأله الصحبة فيتعلّم منه العلم ويرشده ، فلمّا إن سئل العالم ذلك علم العالم أنّ موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل علمه ولا يصبر معه ، فعند ذلك قال له العالم : إنّك لن تستطيع معي صبرا.
فقال له موسى عليهالسلام : ولم لا أصبر.
فقال له العالم : وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ، قال موسى وهو خاضع له بتعظيمه على نفسه كي يقبله : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ، وقد كان العالم يعلم أنّ موسى لا يصبر على علمه وكذلك والله يا إسحاق حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم لا يحتملون والله علمنا ولا يقبلونه ولا يطيقونه ولا يأخذون به ولا يصبرون عليه كما لم يصبر موسىعليهالسلام على علم العالم حين صحبه ورأى ما رأى من علمه ، وكان ذلك عند موسى مكروها وكان عند الله رضى وهو الحقّ ، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروها لا يؤخذ به وهو عند الله الحقّ(١).
__________________
(١) الاختصاص : ٢٥٨.