وتشدوننا ولا تطعموننا أطعموني أطعمكم الله فانشأ علي يقول :
فاطم يا بنت النبي أحمد |
|
بنت نبي سيّد مسوّد |
هذا أسير للنبي المهتد |
|
مثقل في غله مقيد |
يشكوا إلينا الجوع قد تمدد |
|
من يطعم اليوم يجده في غد |
عند العلي الواحد الموحد |
|
ما يزرع الزارع سوف يحصد |
فقالت فاطمة عليهاالسلام :
لم يبق مما جئت غير صاع |
|
قد دميت كفى مع الذراع |
ابناي والله هما جياع |
|
يا رب لا تتركهما ضياع |
أبو هما في المكرمات ساع |
|
يصطنع المعروف بالإسراع |
عبل الذراعين شديد الباع |
قال : فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلّا الماء فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ [الإمام علي] عليهالسلام الحسن عليهالسلام بيمناه والحسين بشماله ، واقبل نحو رسول الله صلىاللهعليهوآله وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر به النبي صلىاللهعليهوآله قال : «يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم انطلق إلى فاطمة» فانطلقوا وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها النبي صلىاللهعليهوآله قال : «وا غوثاه يا الله أهل بيت محمد يموتون جوعا» فنزل جبرائيل عليهالسلام فقال : «يا محمد خذها هناك الله في أهل بيتك فقرأ عليه (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إلى قوله (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً)» إلى آخر السورة (١).
الحديث الرابع : ابن أبي الحديد وهو من المعتزلة قال في (شرح نهج البلاغة) قال : شيخنا أبو جعفر الإسكافي في الرد على الجاحظ وأنتم أيضا رويتم أن الله تعالى لما أنزل آية النجوى فقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) الآية لم يعمل بها إلّا علي بن أبي طالب وحده مع اقراركم بفقره وقلة ذات يده ، وأبو بكر في الحال التي ذكرنا من السعة أمسك عن مناجاته فعاتب الله المؤمنين في ذلك فقال : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) فجعله سبحانه ذنبا يتوب عليهم منه وهو امساكهم عن تقديم الصدقة فكيف سخت نفسه بإنفاق أربعين ألفا ، وأمسك عن مناجاة الرسول وإنما كان يحتاج
__________________
(١) فرائد السمطين : ٢ / ٥٣ / ب ١١ / ح ٣٨٣.